نورة عبدالله آل قراد
يا بُنَيَّ، دعني أخاطبك بما يجولُ بداخلي وأُظهِرَ لكَ بعضاً من مخاوفي أُريد أن أوصيك بعباراتٍ لاتغفل عنها!!
يا بُنَيَّ، عندما أوجدنا الله على هذه الدنيا لم يدع مجالاً للعبث بل أحكم وقدر ودبر وجعل كل أقدارنا وأرزاقنا وأعمارنا في كتابٍ مبين، عندما ترى غيرك في خير عظيم ورزق وفير فلا تدخل في دائرة عدم الرضا بما بين يديك ومراقبة وتمني ما يملكُ غيرك، الرضا نعمة تُدخل إلى قلبك السعادة وإلى روحك السلام، كن قانعاً راضياً لا تنظر في يومٍ من الأيام إلى أحد فتُصاب بحالةٍ من الإدمان يصعُبُ التخلص منها، ادمان مراقبة حياة الناس وما يملكون وكيف يعيشون!!
فقد يكون في منعِ الله عنك ما تراه لدى غيرك وليس معك خيراً تعجز أفكارك عن تقبله!
يا بُنَيَّ، عندما ترضى النفس بما أعطاها الله وبما قدر عليها فإن ذلك يُرقي نفسك إلى أعلى المراتب ويُهذبها على الابتعاد من ذلك الظلام الذي بداخلِ كلٍ منا ويقترب من النور في الجانب الآخر من ابعاد نفوسنا وأطوارها الرضا ومعادلة جذب هرمون السعادة الناتج من الإيمان الخالص واليقين الصادق بأن تعلم أنَّ ما أصابَك لم يكُنْ لِيُخْطِئك، وما أخطَأَك لم يكُنْ لِيُصيبَك، وهذا حديثٌ عن خير البشر عليه السلام، فالرضا حالة من الطمأنينة بأن الله لن يتركنا حيث تسكن أرواحنا تحت جريان أقداره، وقلة الرضا تكمن في عدم معرفة الله التي نستشعرها في الكون بأكمله وفي النعم التي يغفلُ عنها الكثير ويضيعها بعدم الشكرُ والرضا بها سواء كانت نعماً مادية أو معنوية فيزيد قبول الإنسان لنفسه، ويعزز الرضا من ثقة الإنسان بذاته ونزع الغيرة وحب المقارنة بغيره!
فالله خلق كلٍ منا ولديه مميزات لا يراها إلا عندما يبدأ يبحث في ذاته. فيعلم أن كلاً منا يوجد لديه البصمة الخاصة به.
كن راضياً بما لديك من نعمٍ
تعش في سعادةٍ بلا ندمِ
وصارع نزوات القلوبِ
بكبحِ جماحها والطمعِ
إذا وصلت في يومٍ إلى قمة القناعةِ يا فتى ملكت مفتاح باب الرضا وخزائن العلمِ، وزانت دنياك بمعرفةِ حقائق رضاك عن ذاتك، وسكنت طمأنينة النفوس قلبك، واكتسى بهجته بحليةِ السكونِ، وقنعت بذلك نظراتِ العيونِ، سألت الله أن يرضيك ويرضينا بما قسم لنا، ويبعدنا عن فلتات الفؤادِ وتيهه فيما ينعم به العباد من عطايا الله لهم بما قسم من الأرزاقِ، أظهر ذلك الكنز بداخلك، وأبحر به، فالرضا يوصل بك إلى شُطآنِ الأمانِ من نزوات الطمع!
قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
جعلنا الله وإياكم ممن كان راضياً مرضياً ورضي عنه.