عبدالمحسن بن علي المطلق
وعن مكانه (..لا مكانته) ترجّل.
الله أكبر الدائم الحي.. {الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون} حديث في الصحيحين.
ونفقد واحدا من سواري بيت الله الحرام عبادة وزهدا وعلما.. فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله العجلان المدرّس في المسجد الحرام، ورئيس المحاكم السابق.
وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم (الجمعة 25 رمضان)، وصلّي عليه في المسجد الحرام ذات اليوم.. بُعيد صلاة الجمعة.
عالم مفت وعلم مجلّ وشيخ رصين وقور، يترسّل بالقول ويتبسّط بالكلم ليسمع ويقنع، يقارب المرامي وييسر المقاصد، يكمل المبنى ويملئ المعنى. فالحديث يمخر حين يكون عن نوعية فذّة، واليوم لا تستكثر أن تلفاه مختلفا لاختلاف من نرثي، وإن أجزلنا بالكلام واستجررنا الخطاب فلا شيء مع قدر الله يفيد، سوى كليمات هن لفقيد العلم شاهدات.. ممن علم عن الشيخ وعرف بعض قدره، وعسى بما يسطّر يجلي عن شيء من حقّه، أوينقل عمن أخذ من الشيخ عن كثب، كما أنبأ تلميذ وعى منه ليملي ما جاش في داخله له بالقول:
(لأن هناك ما لا يتجاوز الأذهان!
لكن درسه كان ممزوجاً بروح العلم وحياة الموعظة التي تسقيها بدمعك فتسري إلى القلوب وتتحرك لها الأبدان طاعة لله وإذعانا!
ولازالت صدى كلماتك تتردد في أذني « إنما العلم الخشية... إنما العلم الخشية) علي الصيادي (إمام مسجد السلام بالعوالي) بمكة.فلكم هي القلوب التي حزنت لرحيلكم شيخنا..
بَكَت عَيني وَحَقَّ لَها بُكاها
وَما يُغني البُكاءُ وَلا العَويلُ
بل والقلوب عليكم، ولا غرو، ففقد العلماء نذارة توجع وتفجع فهي تقريب لما يفقد البنيان من أسسه التي يقوم عليها وذاك أن للاسلام معالم يجليها للأمة تلك النوعية التي أمر الله بسؤالهم والرجوع إليهم بخاصة المسائل العليا أو المدلهمّات الكبرى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (43).النحل، كما وحسبهم تلك التزكية الجلية في العودة إليهم.. لا سواهم {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى
أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ..)
أي ليس كلهم، كما وأن أولئك مصابيح في دياجير الظلمة وحلول الغمة وأحلك ما يمرّ من غمّة، فحسب مقام القوم تفسير حبر الأمة ابن عباس-رضي الله عنه- للآية: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، فعن عطاء، عن ابن عباس قال:
ذهابُ علمائها وفقهائِها وخيار أهلِها .( تفسير الطبري سورة الرعد).
.. هذا، ولم تمنع( الفقيد) يرحمه الله -بالمناسبة -شدة المرض من مواصلة دروسه «عن بعد.. «بسبب جائحة كورونا كذا ديدن المخلصين الذين نحسب الراحل الكبير منهم- والله حسيبه.
إذ كانت دروسه تغطي أيام الأسبوع السبعة في جنبات البيت العتيق خلال 35 عاما لا تتوقف دروسه.. حتى في أيام العيد» !والإجازات ولم يتوقف إلا نزرا من دواعي عوارض مرضية، ثم يعود فلله هذه الهمّة والنفس التي أتربت لنيل المعالي ولا عجب، فقد كان مثالا للعالم الحريص على نفع بلده وأمته،فرحم الله شيخنا رحمة واسعة وليس بعد ولا قبل مماثل يا فقيدنا- كلنا-مما نملك.. سوى ترديد مايرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..
كما ولا نزيد على ما علّمنا الأسوة -صلى الله عليه وسلم- إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراق»الشيخ عبد الرحمن العجلان « لمحزونون.