د.جيرار ديب
في قراءة لواقع لبنان اليوم، نرى وكأنّ التاريخ بدأ يعيد نفسه، مع الحدث الذي جاء من الشرق، حيث آلاف مؤلفة من أسراب الجراد الوافدة عبر سوريا، شمالًا، وربما أبعد لتصيب مزروعات البقاع الموسمية وغير الموسمية بدءًا من بلدة عرسال الحدودية.
وقد حذّر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى، من أنّ التغيير المفاجئ في المناخ أدّى إلى تغيير مسار أسراب الجراد وسرعة دخولها إلى الأجواء اللبنانية، محذرًا من أنها في مرحلة التكاثر.
وأردف قائلًا، إنّ هذا التحدي يجب ألا يستهان به، وإنّ أي تساهل قد يجعلنا غير قادرين على مكافحة تكاثرها.
الكارثة ليست هنا فقط، بل بوضع لبنان المهترئ حيث رسمت مصادر دبلوماسية أوروبية صورة سوداء حول مستقبل الوضع في لبنان، وقالت إنّه لم يعد أمام أصدقاء لبنان ما يقدمونه، فقد حاولوا واستنفدوا كل نصائحهم وتمنياتهم على القادة، وكان فعلهم محبطًا لكل ذلك.
وأكدت المصادر أنّ المجتمع الدولي بات ينظر إلى لبنان بعينين: عين الحزن على لبنان والشفقة على اللبنانيين، وعين ماقتة لمنحى التعطيل المتعمد الذي يمعن فيه سياسيون ومسؤولون رسميون في لبنان، مثبتين في ذلك عدم تحسسهم ممّا أصاب اللبنانيين.
اليوم، ومن يستمع إلى تصاريح المسؤولين الغربيين، وآخرها ما صدر عن الخارجية الأميركية، بتصنيف لبنان على أنه «دولة فاشلة»، أو ما يكرره باستمرار وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، عن انهيار وشيك لكيان لبنان، دون أن ننسى عبارة الرئيس ميشال عون الشهيرة، بأننا ذاهبون إن استمرينا على ما نحن عليه إلى جهنم، وعلى ما يبدو فقد وصل لبنان إليها؛ جميعها تصاريح تنذر بخطر ضياع الهوية والكيان في لبنان، في ظلّ منطقة تتخبّط فيها الصراعات على مختلف أنواعها، وتتسابق إلى تفتيتها الدول اللاعبة على أراضيها، بنيّة إعادة بناء شرق أوسط يتناسب مع مصالحها القومية.
أمام كل التحديات والعقوبات والضغوطات، ووسط جهل مسؤولي هذا البلد، يبدو أنّ لبنان لم يزل يعيش حالة المخاض قبل الولادة. ولكنّ الولادة قد تطول، سيما وأن لا أفق في تقديم الحلول، ولا حتى يريد اللبناني مساعدة ذاته، للخروج من هذا النفق المظلم، بالإقدام على الخطوة الأولى وهي تشكيل حكومة انقاذية. لذا، يبقى السؤال: الأحداث تتكرّر ولكن ماذا عن المصير المنتظر للبنان؟