د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأقوى تحذير من ارتفاع درجات حرارة الأرض، وطالب بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالية بنسبة 45 في المائة عن مستويات عام 2021 بحلول 2030 والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ولتحقيق تلك الأهداف تقوم الأمم المتحدة ببناء تحالف عالمي يلتزم صافي انبعاثات صفرية.
يتجه العالم نحو اقتصاد أكثر انسجاماً مع البيئة، آخذ في التوسع واكتساب مزيد من الأنصار والمؤيدين، بعدما ارتفع حجم الاقتصاد العالمي بخمسة أضعاف عمَّا كان عليه قبل نصف قرن، أدى هذا النمو السريع إلى تحقيق فوائد عديدة للإنسانية، لكن اتساع نطاق النشاط الاقتصادي وسرعته تسبب في أضرار بيئية غير مسبوقة، ووفق الدراسات فإن 60 في المائة من النظم البيئية العالمية تشهد تدهوراً ملحوظاً.
فقد حان أن يتبوأ الاقتصاد الأخضر مكانة أكثر بروزاً في قيادة الاقتصاد العالمي، ومن المتوقّع أن يسهم بـ 12 تريليون دولار بحلول عام 2030، ورغم اتفاق العالم حول الخطوط العامة في مجال الاقتصاد الأخضر، لكن لا يوجد هناك اتفاق دولي حول التفاصيل.
بعد تبني السعودية منصة دائرة الكربون خلال قيادتها لقمة العشرين، عزمت السعودية على العمل على تنظيم قمة سنوية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر بحضور القادة والمسؤولين في المجال البيئي. وفي اتصال هاتفي أجراه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الصيني شي جينبيغ في 20-4-2021 الذي أبدى أن تكون الصين شريكاً رئيسياً للمبادرة السعودية.
تعتبر الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، وأكبر مورد للنفط للشهر السابع على التوالي إلى الصين، وبلغ إجمالي التبادل التجاري بين السعودية والصين في 2020 بنحو 67.13 مليار دولار بفائض لصالح السعودية بنحو 10.93 مليار دولار منخفضاً من إجمالي تبادل تجاري في 2019 بنحو 78.04 مليار دولار بفائض أيضاً لصالح السعودية بنحو 30.33 مليار دولار.
إذاً رغبة البلدين في دفع شراكتهما الإستراتيجية إلى مستوى جديد في مجالات عديدة على رأسها الطاقة والتجارة والتكنولوجيا من أجل تعاظم المصالح المشتركة وتعزيز تكاملها من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
الشراكة التي تقودها السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتبني المفهوم الجديد للاستثمار الأخضر باعتبار أنه ثمرة لحركة الاستثمار المسؤول اجتماعياً، من أجل أن يعمل على ترسيخ مفهوم بناء اقتصاد حديث متنوِّع مع تنمية بيئية، ولا يقف الأمر عند حدود الربحية على أهميتها، وإنما عبر تحمّل المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة والدفاع عنها.
وقبل تفشي كورونا كشف تحليل البيانات المتاحة لعام 2019 أن ما يقرب من 27 في المائة من الإيرادات التي حققتها أكبر 500 شركة أميركية و31 في المائة من الإيرادات التي حققتها أكبر 1200 شركة عالمية تأتي من الاقتصاد الأخضر، وهناك نحو 3000 شركة عالمية لديها ارتباط بالاقتصاد الأخضر، وتمثِّل حصة الإيرادات نحو أربعة تريليونات دولار أو نحو 6 في المائة من الاقتصاد العالمي.
حصة الولايات المتحدة من الاقتصاد الأخضر عالمياً تبلغ 37 في المائة وهي نسبة أعلى بكثير من حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي التي تبلغ 24 في المائة.
لذلك تشارك السعودية في وضع أسس البنية التحتية التي ستمهد الطريق مستقبلاً للاقتصاد الأخضر، من أجل زيادة شهية المستهلكين لمنتجات الشركات التي تبني نهجها الإنتاجي والاستثماري على الاقتصاد الأخضر، إضافة إلى استثمار انتهاز الشركات العالمية والأمريكية بشكل خاص لإمكانات نمو الاقتصاد الأخضر خارج حدود الولايات المتحدة وبشكل خاص في السعودية.
حيث لا تمثِّل الطاقة المتجدِّدة حالياً سوى 10 في المائة من الطاقة العالمية، وستصل إلى 30 في المائة بحلول 2050، ولإحداث تغيّر حقيقي في المناخ، فالمطلوب أن تكون الطاقة المتجدِّدة 60 في المائة من الطاقة العالمية عام 2050 ، ولكن يستبعد كثير من المحلِّلين تحقق هذه النسبة.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة