د.شريف بن محمد الأتربي
يحتاج القادة الجدد إلى عشرات السنين لإبراز هويتهم وتأثيرهم في المجتمعات التي تولوا قيادتها، وقليل منهم، بل ومن النادر أن تجد من لديه خطط متكاملة لكافة قطاعات الدولة، بل ربما تجد قصورا في جانب من الجوانب. وأحيانا تتحقق الخطط التي وضعوها لأنفسهم وكثيراً ما تتعثر وتتأخر عن الفترات الزمنية التي بُنيت عليها، أو تتجاوز الميزانيات المخصصة لها. وحين تجد قائد لديه رؤية فيها برامج خُطط لها وبدأ العمل فيها قبل توليه القيادة، حتى إذا تولى القيادة تسارعت خطى التنفيذ لتتجاوز المخطط لها ويشهد لها العالم أجمع بالكفاءة والقدرة على التحقيق والتغيير، بل تجد أن قائدك أصبح نموذجا للقادة في أغلب دول العالم، وأن خطته أصبحت نموذجا لكثير من الدول في التخطيط والرؤية المستقبلية؛ فأعلم تماما أنه محمد بن سلمان القائد الملهم المستنير المجدد، الهدية الربانية لشعب السعودية والشعوب العربية والغربية.
وحين حلت الذكرى الرابعة للبيعة كنت قد هيأت نفسي لكتابة رسالة تهنئة لسمو سيدي ولي العهد على هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعا، ولكني لم أشأ أن تكون كلمات فقط تعبر عن حبي وفخري وسعادتي بقيادتي الشابة، ولكن أردت أن تتكلم الأرقام نيابة عن الكلمات، فالكلمات محدودة الأثر، أما الأرقام فهي باقية وقابلة للقياس.
ومن أبرز الأرقام التي تحققت؛ وترتبط بالرؤية 2030 مباشرة، الأرقام التي تتناول نمو القطاع غير النفطي للمملكة حيث بلغت نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي 59 في المائة في عام 2020 بعد أن كانت 55 في المائة في عام 2016 . كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 369 مليار ريال في عام 2020 بعد أن كانت 166 مليار ريال في عام 2015 بنسبة زيادة وصلت إلى 222 في المائة.
كما زادت عدد المصانع بنسبة 38 في المائة ليصبح 9.984 مصنعًا مقارنة بـ7.206 مصنع قبل إطلاق الرؤية.
وفي قطاع الصناعات العسكرية، تم رفع نسبة التوطين في القطاع لتصل إلى 8 في المائة مع نهاية عام 2020 بعد أن كانت 2 في المائة في عام 2016 . كما أُطلق ولأول مرة في تاريخ المملكة برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية، حيث جرى الترخيص لعدد 91 شركة محلية ودولية، بواقع 142 ترخيصًا تأسيسيًا.
وعلى مسار الخدمات الحكومية، فقد تم رفع نسبة التحول الرقمي في الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم لتصبح 81.3 في المائة مقارنة بـ60 في المائة في 2017 مما أسهم بشكل ملحوظ في تحسّن هذه الخدمات.
وعلى صعيد السوق السعودي للأسهم «تداول»، فقد تصاعد مؤشر السوق، من مستويات 6 و7 آلاف نقطة إلى أكثر من 10 آلاف نقطة في الوقت الحالي.
ولعل من أبرز الأرقام التي جذبت انتباه المحللين، وخاصة في السوق العقاري، هو رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن إلى نسبة 60 في المائة بينما كانت قبل الرؤية 47 في المائة، وأصبح بإمكان السعودي الحصول على المسكن الذي يليق به في أسرع وقت، وبأسعار تناسب كل الفئات، وعلى فترات زمنية طويلة، وبأقساط ميسرة. وفي جانب الشفافية ومكافحة الفساد الذي كان ينهش في اقتصاد المملكة، فقد تم تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، إذ ترسخت ثقافة المحاسبة على مستوى الجهاز الحكومي والمواطن، وبلغ مجموع ما استردته الخزينة العامة من تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الأعوام الثلاثة الماضية، وهذا يمثل 20 في المائة من إجمالي الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى أصول غير نقدية بعشرات المليارات نقلت إلى وزارة المالية.أما عن البطالة، الشغل الشاغل لأي مجتمع يريد التقدم، فقد كانت قبل الرؤية تبلغ 14 في المائة والمستهدف خفضها لـ11 في المائة خلال العام الحالي، وهناك طموح لتصل إلى 7 في المائة وأيضا إلى النسبة العالمية 4 في المائة، مع الوضع في الاعتبار تأثر جميع الأسواق العالمية بكوفيد 19.
أما عن صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي)، فقد تضَاعُفت أصوله لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020 بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015، والمستهدف زيادة نمو حجم الصندوق، بأكثر من 200 في المائة في السنوات الخمس المقبلة، وبحيث لا تتجاوز المصروفات من هذا الصندوق نسبة 2.5 في المائة، وسيكون هو بمثابة برميل نفط جديد للمملكة إلى جانب براميل أخرى من التنوع في الاقتصاد، من مختلف الصناديق والاستثمارات الأخرى للمملكة بما فيها النفط. إضافة إلى نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية لتصل إلى 17.625 مليار ريال بنسبة ارتفاع وصلت إلى 331 في المائة بعد أن كانت 5.321 مليارات ريال في عام 2015 .
وعلى مستوى الحياة الاجتماعية والترفيه، فقد تم إطلاق أكثر من 2000 فعالية رياضية وثقافية وتطوعيّة - بحضور ما يزيد على 46 مليون زائر حتى عام 2020م - أدت إلى تضاعف عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه لتبلغ أكثر من 1000 شركة، مما أسهم في خلق ما يزيد على 101 ألف وظيفة حتى نهاية عام 2020 .
والأرقام كثيرة وكثيرة في كافة القطاعات والمجالات، لا يكفي هذا المقال وغيره لذكرها، ويكفي فقط أن ننظر حولنا لنرى أين كان من يدعوننا بالتخلف والتأخر والرجعية مما نحن عليه وهم عليه الآن، فقد نصرنا الله تعالى وأعزنا بابن سلمان ليقود سفينة الوطن للأمام رغم ما تواجه من ريح عاتية آتية نحوها من الداخل والخارج، حفظكم الله سيدي وبارك الله فيكم فقد كنتم على قدر القسم الذي أقسمتموه أمام مولاي خادم الحرمين الشريفين، محققين آمالنا وطموحتنا فيكم. وصدق الله العظيم القائل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ...} (الأحزاب الآية 23).