إياد منصور
الضيف الثقيل والمشهور في الشرق والغرب والذي لا يخفى على أحد شدة خطورته، المرض القاتل وعدو البشرية الذي لا يرى يدخل إلى المملكة العربية السعودية كغيرها من البلاد، فكيف استطاعت المملكة قهر هذا الزائر الغريب وكيف وضعت سواعد الأبطال من أبناء هذا الوطن قواعد ثابتة وناجحة في مواجهة هذا الفيروس المدمر في ظل التوجيهات الحكيمة من الديوان الملكي والطاقات الهائلة البدينة والعقلية والمالية التي وضعت تحت التصرف في معركة الكورونا. لقد انتصرت المملكة على الكورونا بحمد الله وفي هذا المقال أروي لكم عن محطة نجاحٍ حُقَّ لنا الفخر بها.
حق الحياة حق مقدس في المملكة العربية السعودية
انطلاقاً من دور الإنسان وأهميته في هيكل الوطن فإن حق الحياة حق مقدس في المملكة ومن هنا ومع دخول فيروس الكورونا إلى المملكة استنفر المركز الوطني الصحي للقيادة والتحكم بالفريق الكامل والطاقة القصوى لرصد عدد الحالات المصابة بالفيروس وعدد الوفيات وقدم المركز على مدار الساعة بيانات مفصلة لكل شيء بدءاً من عدد الأسرة عموماً وعدد أسرة العناية المركزة خصوصاً المتوفرة في المستشفيات وصولاً إلى أسطوانات الأوكسجين ومناطق توفرها وآلية إمداد المراكز الصحية بها على وجه الدقة والسرعة، هذه البيانات قدمت واقعاً دقيقاً لتطور الفيروس في المملكة مما أعطى الكوادر الصحية معلومات علمية مفصلة سهلت تحديد الأولويات والإجراءات في مواجهة هذا الفيروس.
العلاج المجاني حق للجميع
تميزت المملكة العربية السعودية في زمن الكورونا عن غيرها من دول العالم باعتماد آليات العلاج للجميع بحيث قدمت المملكة العلاج المجاني بشكل كامل للمواطنين السعوديين وكذلك للمقيمين حتى للمخالفين للإقامة منهم، مما يعكس القيم الإنسانية النبيلة السائدة في المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، هذا العلاج تميز بالسرعة ووفرة التجهيزات الطبية ولا سيما تجهيزات العناية المركزة وأجهزة الأوكسجين بالإضافة إلى سرعة الاستجابة وبراعة وخبرة الكوادر الطبية في احتواء الأزمة، ولا سيما أن العلاج شمل جميع الفئات العمرية بالمملكة دون أي استثناء فلقد قُدِّمَ العلاج للكبير والصغير والمصابين بأمراض مستعصية وللمواطنين والمقيمين والمخالفين على حدٍ سواء، وبذلك تتميز المملكة عن الكثير من دول العالم المتحضر في أوروبا حيث منع العلاج عن الكثير من كبار السن والمصابين بأمراض مستعصية، وفي بعض الأحيان اقتصر العلاج على فئة عمرية محددة مما حرم كبار السن من الحصول على العلاج بسبب نقص المواد الطبية والإعدادات اللوجستية وأسرة العناية المركزة، علاوة على انهيار العديد من الأنظمة الصحية الأوروبية في وجه مكافحة الفيروس مما كشف الكثير من عيوب هذه الأنظمة الصحية الأوروبية التي تعاني أساساً من نقص هائل في الكوادر الطبية من أطباء وممرضين.
إجراءات المملكة لاحتواء الأزمة
المملكة كانت من أوائل الدول التي فرضت قواعد التباعد الاجتماعي ونجحت في فرض حظر التجول فإذا بجدة والرياض من أفضل خمس دول في العالم في تطبيق حظر التجول، ساعد في ذلك دخول عدد كبير من تطبيقات الهاتف الذكي السعودية حيز التنفيذ في خدمة المجتمع ومنها تطبيق (توكلنا) الذي ساعد في ضبط حركة الناس في فترات منع التجول بكل كفاءة واحترافية، هذا النجاح في فرض حظر التجول أدى بشكل ملحوظ لانخفاض عدد الإصابات بالفيروس في المملكة، في حين تأخرت الكثير من دول العالم في فرض حظر التجول مما أدى لارتفاع مدمر خرج عن السيطرة بعدد حالات الإصابة في تلك الدول، ولقد نجحت المملكة في إطلاق منصة التعليم الإلكتروني بشكل كامل واحترافي وجعلت المملكة بناء القرارات اعتماداً على البيانات والدراسات والأرقام العلمية، وجهزت المملكة في هذا الصدد ثلاثمائة وسبعين مركزاً ضخماً للكشف المبكر عن الإصابة بفيروس كورونا وهي مراكز (تطمن وتأكد) التي تعمل على مدار الساعة وفي جميع أيام الأسبوع منتشرة على كامل بقاع المملكة للكشف السريع عن الإصابات والعدوى الجديدة بالفيروس وسرعة تلقي العلاج للمصابين بعد الفحوصات، أما فيما يتعلق بالحج والعمرة إلى بيت الله الحرام فلقد جعلت المملكة من التطعيم شرطاً رئيسياً للمشاركة في المناسك وفرضت إجراءات مشددة لحماية المعتمرين من الإصابة بفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 ، وعليه سيلتزم جميع العاملين في المشاعر المقدسة والمكلفين في المملكة في العمل بالحج بضرورة الحصول على جرعتي لقاح كورونا.
الأمن الغذائي والصحي في ذروة الفيروس
عملت المملكة العربية السعودية من خلال مركز رصد وفرة المنتجات والسلع على توفير جميع السلع والخدمات الغذائية والطبية ومتابعة أسعارها بحيث توفرت جميع السلع والمنتجات الغذائية المختلفة دون استثناء في متناول الجميع ودون الحاجة للطوابير والهلع الذي حصل في الكثير من دول العالم بحيث أصبح مشهد الرفوف الخالية من السلع مشهداً اعتيادياً في الكثير من العواصم الأوروبية التي عانت معظم أسواقها من نقص حاد في العديد من السلع الغذائية والكمامات الطبية بحيث أصبحت الكمامات المصنوعة يدوياً وبشكل فردي من القماش بديلاً عنها وشمل النقص أيضاً مواد التعقيم التي تعتبر أساسية في مكافحة انتشار الفيروس، هذا النقص الحاد والارتفاع الكبير في معظم الأسواق العالمية كان نتيجة منطقية لضعف الاحتياطي المتوفر في هذه الأسواق وهشاشة التخطيط ونمط تسوق الهامستر الذي ينتشر في زمن الأوبئة والحروب والعجز في توفير ميزانيات كافية لتأمين هذا النقص الحاد، في حين رصدت المملكة مبلغ اثنين مليار ريال لاستيراد الغذاء عند الحاجة مع الحفاظ على أسعار هذه السلع عند حدودها الطبيعية دون تسجيل أي نقص واضح لسلعة ما في المملكة.
تجربة يجب الحديث عنها
النجاح الذي حققته المملكة العربية السعودية في ذروة أزمة كورونا هو بحمد الله إنجازٌ ونصرٌ نفتخر به من إنجازات المملكة التي لا تحصى، هذه التجربة تحتم علينا الكتابة عنها وتعريف العالم بها لما في ذلك من خير للبشرية جمعاء، وعن هذه التجربة خصص الإعلامي أحمد الشقيري الحلقة 19 من برنامج سين مسلطاً الضوء على أهم مزايا هذا النجاح وعلينا أيضاً المقارنة الواقعية العلمية بين الإجراءات الصحية والغذائية المدروسة والرائدة في المملكة بالإجراءات العالمية المتبعة في مكافحة كورونا، بحيث أثبتت الأرقام والإحصائيات العالمية كفاءة وتميز النجاح السعودي بهذا الصدد وخير دليل أن معدل الوفيات (معدل الإماتة) بفيروس كورونا في المملكة لم يتجاوز نسبة 1 % في حين أن المعدل العالمي وصل إلى 7 %.
التوجيهات الحكيمة من الديوان الملكي
ولقد تابعت المملكة العربية السعودية هذا النجاح بتوفير مراكز تلقي لقاح الكورونا الضخمة والمنظمة، المزودة بأحدث الأجهزة الطبية على كامل ربوع المملكة ليتمكن الجميع من الحصول على اللقاح بالسرعة القصوى، فالمملكة سجلت رقماً مهماً في هذا المجال فهي رابع دولة في العالم تحصل على لقاح كورونا ذلك بفضل التوجيهات الحكيمة من سمو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، فهذا النجاح هو جزء لا يتجزأ من رؤى سمو الأمير محمد بن سلمان الإصلاحية في المملكة ودليل واضح على نجاح نهج التطوير والتحديث الذي اتبعه.