عثمان بن حمد أباالخيل
سيناريو خيالي بعيد عن الواقع لكنه ربما يحدث في هذا العالم المُتغيِّر، سيناريو ليس من الواقع لكنِه وقع. سيناريو يكشف ما تخفي العقول وما تكِنُّ القلوب وما تقوله الألسن وما تحسبه قريباً وهو بعيد، وما تظنه يحترمك، وما يبكي لفرقاك وما يفرح حين تدير ظهرك وينتهي أجلك. هذا السيناريو يسحب على ملايين البشر. تظاهر بالموت بعد أن تمدّد على الأرض علا الصياح والبكاء تمالك نفسه وهو يستمع إلى عبارات غريبة، عبارات مؤلمة، عبارات لم يتوقعها من أناس لهم التقدير والاحترام، شعور سيئ يشعر به الإنسان في الأوقات الصعبة والمؤلمة. مِن المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة وتبحث عن الحبّ في قلوب جبانة. موقف جعلت عيونه تذرف وجسمه يرتجف، حتى من أقرب الناس لمْ يسمع كلمة تطيب خاطره، أخذ ينصت إلى المكالمات الهاتفية التي أخذته إلى الحضيض، حضيض المشاعر السيئة المشاعر السلبية. أقتبس:
(لو كنت أعلم أن آخر عهدكم
يوم الرحيل فعلت ما لم افعل)
«جرير»
سقطت الأقنعة وتعرَّت الوجوه وظهرت على حقيقتها، سقطت الأقنعة وكشفت عن النفوس الضعيفة، سقطت الأقنعة عن الوجوه التي يكسوها غبار التمثيل، أليس هذا مؤلماً حين يعرف الإنسان ماذا تخفية تلك القلوب القاسية والعقول التافهة. نحن في زمن الأقنعة وما المصالح والنوايا والحجج الواهية. ذُهل الجميع وصعق الكثير منهم حين تنفس ورفع الغطاء من على وجهه. تحولت الوجوه إلى وجوه قترة، كم كانت جميلة تلك الوجوه العاطفية، والنفسية، والاجتماعية، وأشدها جمالاً وبريقاً الوجوه العائلية. لم أمتْ لكن عرفت أين مكاني في محيطي العائلي والمحيط الكبير ندم كثيرًا وتمنى أن يكمل بقية حياته على جمال تلك الأقنعة المزيّفة لكنه كان يتوقّع أن كل ما يراه جميلاً رغم إنه كان جميلاً. أقتبس:
(أيهذا الشاكي وما بك داء
كن جميلًا ترى الوجود جميلا!)
«إيليا أبو ماضي»
سيناريو مؤثِّر ومؤلم جداً لدرجة البكاء لمَ لا حتى البكاء وتلك الدموع لا تكون عادة من القلب لكنها دموع التمثيل والنفاق وغسيل العيون من شوائب ما علق به ويلات ما تخفي وليس تلك العيون التي وصفها جرير:
(إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا)
بعيداً عمَّا يجزن القلب ويدمي العين دموع الأمهات والآباء فهما خارج هذا السيناريو الحزين فهي أغلى دموع في العالم وليست دموع التماسيح، مطلقاً لن تجد في هذه الحياة أصدق من دمعة أم ودمعة أب أقتبس:
(العيش ماض فأكرم والديك به
والأم أولى بإكرام وإحسان)
«أبو العلاء المعرّي»
وفي الختام لا تثق بما ترى من وجوه جميلة وألسن تحسب ما تقوله حباً ولا وردًا في زمن عز به القريب والصديق والرفيق وأصبحت العلاقات مبنية على المصالح إلا ما قلّ من الناس. من أقوالي (أصحاب المصالح وجوههم تتغيَّر كالحرباء).