خالد بن حمد المالك
تتزامن الذكرى الرابعة لمبايعة الأمير محمد بن سلمان وليًا لعهد المملكة العربية التي تصادف غدًا مع الذكرى الخامسة لرؤية المملكة 2030 التي احتفلنا بها الأسبوع الماضي، فيا لها من مناسبتين مهمتين في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فيا لها من مصادفة توَّجت المملكة بهما الكثير من الإنجازات بما لا عهد لها بمثلها على امتداد تاريخها، وإن كانت امتدادًا لما سبقها من إنجازات عظيمة ومهمة قادها وحققها من كانوا من قبل ملوكًا للمملكة العربية السعودية.
* *
التميز في هذه الحقبة من تاريخ المملكة، أن ما يتم ويتواصل ويُنجز، إنما هو وفق رؤية واضحة المعالم، وبحسب مخرجات لها، وتحول وطني منها، والعمل على تحسين جودة الحياة، والانفتاح على العالم، والتحرر من بعض القيود والتقاليد بما لا يتعارض مع ما نصَّ عليه القرآن وجاءت به السنة، وهكذا تنطلق المملكة نحو آفاق جديدة لتستكمل شخصيتها التي رسمها الملك عبدالعزيز ومن بعده أبناؤه البررة.
* *
ذكرى مبايعة الأمير محمد بن سلمان ليكون وليًا لهذا العهد المبارك، تعيدنا إلى استذكار واستحضار بعض وليس كل ما تم إنجازه وتحقيقه، كون ما حدث أكبر من أن يُحصر في زاوية، أو ضمن تغطية صحفية في صحيفة محدودة عدد صفحاتها، غير أن ما لا يُدَرك كله لا يُترك كله، وبناءً على هذه القاعدة أحاول في هذا المقال استحضار بعض ما كان علامة فارقة في تبني ولي العهد لبعض المواقف، لبعض التوجهات، لبعض الطموحات، بأمل أن يكون هذا تحية منا لسموه، وتثمينًا لجهد غير عادي بذله ولي العهد، وحق له ولنا أن نتحدث عنه في هذه الذكرى الميمونة.
* *
ثلاثة مشروعات عملاقة يتم الآن العمل على إنجازها، جزر البحر الأحمر، القدية، ونيوم، وكل مشروع من هذه الثلاثية يمثل بناءَ دولة، وخلقَ فرص وظيفية كثيرة، وجذباً للسياحة، وفتحًا لنوافذ جديدة تحقق للمملكة المزيد من الإيرادات غير النفطية، وتحسين جودة الحياة، واستغلال الفرص المتاحة لبناء مشاريع مهمة في المواقع الاقتصادية المهمة.
* *
وهناك الاهتمام بالترفيه، وقد رأينا كيف أصبحت المملكة دولة استقطاب للسائح الخليجي والعربي والأجنبي، للاستمتاع في مدننا بالفعاليات والليالي الملاح، وخلق أجواء من المرح، ضمن تنظيم على أعلى المستويات، بما جعل هذا النشاط الترفيهي حديث العالم، دون أن تصاحبه أي عقبات أو معوقات، وبالتالي توفر للمواطن ما يغنيه عن السفر للسياحة في دول العالم، وتم بالترفيه إيجاد مصادر أخرى لإيرادات الدولة، سواء ممن قدموا من الخارج أو من المواطنين والمقيمين.
* *
كما تم إعادة هيكلة الدولة، بما جعلها أكثر تنظيمًا وكفاءة في إدارة شؤون الدولة، وما صاحب ذلك من اختيار ولي العهد لمجموعة من الشباب المتخصص والكفء ليكون جزءًا من هذا التحول، وسندًا في إنجاح التوجهات التي تقودها رؤية المملكة، وهو ما جعل المملكة لا تعاني من أوضاع اقتصادية، رغم الفتور والانكماش الاقتصادي على مستوى العالم، وتراجع أسعار النفط، وظهور جائحة كورونا، وهو ما يسجل لقائد الرؤية عمله الدؤوب لتجاوز هذه التحديات، ضمن ما يوجهه به ملك البلاد.
* *
ومن بين أهم الإنجازات ما يتعلق بالمرأة التي تمثل نصف سكان المملكة، وكانت شبه مهمشة، ولا يُستفاد منها كما ينبغي، رغم تقدمها تعليميًا، وتميزها في كثير من التخصصات، فكان أن عُيِّنتْ في هذا العهد، سفيرة، ونائب وزير، وقيادية في كثير من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة، وسُمح لها أن تعمل إلى جانب الرجال سواء بسواء، في المحاكم، وأجهزة الأمن، وفي كل القطاعات الحكومية والخاصة، ثقة بها، واطمئنانًا على أنها قادرة على أن تتبوأ أعلى المناصب، وتقوم بأهم المسؤوليات.
* *
وامتدادًا للثقة بها، سُمح لها بقيادة السيارة، والسفر دون قيود لا مبرر لها، ولها حق حضور المباريات، بل والمشاركة كرياضية في بعض الفعاليات الرياضية على مستوى العالم، ولم تعد الوظائف المسموح لها بالعمل فيها تُقتصر على التعليم، وإنما أصبح لها الحق أن تعمل في أي قطاع يناسب تخصصها وترغب فيه.
* *
اهتم الأمير محمد بن سلمان بالبيئة وتحسينها، وبدأ العمل في تخضير مدن وقرى المملكة، للحد من الغبار والأجواء غير الصحية، وصارح مواطنيه من حين لآخر بما يفكر فيه، وبما يحرص على إنجازه، وبما يرغب إيضاحه للمواطنين، بما جعل كلماته ولقاءاته الإعلامية محل اهتمام ومتابعة واسعة من المواطنين وغير المواطنين.
* *
من بين التحديات التي واجهها وتصدى لها حرب اليمن، لكن بدلاً من أن تكون حرباً مع الحوثيين على أرض المملكة جعلها داخل اليمن، وحَدَّ من قدرات الحوثيين العسكرية إلى حد كبير، وفي علاقتنا مع إيران ضيَّق الخناق عليها، وأصبحت تتوسل إعادة العلاقات معنا، ومثلها تركيا، فالسياسة التي رسمها الملك سلمان، والتطبيق الحذق الذي يقوده محمد بن سلمان جعلنا لا نخاف، وجعلنا نطمئن على أننا دولة عظمى شاء من شاء وأبى من أبى.