تأتي الذكرى السنوية الرابعة لمبايعة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ولياً للعهد فرصة لاستحضار الإنجازات التي تحققت على يديه وفق توجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (يحفظهما الله) وفي إطار رؤية المملكة 2030، حيث شهدت المملكة خلال السنوات القليلة الماضية إنجازات عظيمة لم يكن أكثر المراقبين تفاؤلا قادرا على التنبؤ بها، بسبب قصر الفترة الزمنية التي تحققت فيها هذه الإنجازات.
ونحن حينما نتكلم عن إنجازاتنا الوطنية فإننا لا نتحدث عن الجانب المادي منها فحسب، ولكننا نتحدث عن الجانب الاجتماعي والثقافي والتشريعي. فهذه الجوانب وغيرها جعلت المجتمع بكافة فئاته، ولا سيما المرأة، شركاء في ورشة عمل وطنية ضخمة لمسابقة الزمن والوصول بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، حتى أصبحت المملكة أسرع دول مجموعة العشرين نموا في الناتج المحلي غير النفطي وأحد أهم وأكبر اقتصادات العالم.
لقد استطاع سمو ولي العهد بفكره النير ونظرته الثاقبة وروحه الشابة استثمار كافة موارد المملكة لتوسيع القاعدة الصناعية وتنويع مصادر الدخل وتحفيز مختلف شرائح المجتمع لزيادة الإنتاج، وأشير هنا على وجه الخصوص إلى تفعيل دور المرأة وتمكينها لأداء دورها المجتمعي والوطني المهم وفق قيمنا وثوابتنا الدينية.
وحينما يأتي الحديث عن المرأة السعودية ودورها فإننا نجد أنها نالت دعما كبيرا وتمكينا واسعا في مجالات عديدة أهلتها لان تصبح محورا هاما وركنا أساسا في تعزيز المسيرة التنموية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلادنا، فأكدت جدارتها وقدرتها في كل المهام والأدوار التي أنيطت بها فتقلدت مناصب قيادية وتولت مهامَّ تتسم بالأهمية ونجحت إلى جانب أخيها الرجل فأثبتت - ولله الحمد - أنها عند حسن الظن وفي مستوى الثقة التي منحتها لها قيادتها لتصبح شريكا أساسيا في تنمية الوطن دون تفرقة حتى تضاعفت نسبة مشاركتها في سوق العمل من 17 في المئة إلى 31 في المئة».
ولا يمكن تمكين المرأة بشكل حقيقي دون توفير الإطار القانوني والتنظيمي الذي يصون حقوقها كما يصون حقوق بقية فئات المجتمع. ولذلك نلحظ أن المملكة تحدث نقلات نوعية في البيئة التشريعية، من خلال تطوير الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية والنزاهة وتحقّق التنمية الشاملة. فمشروعات الأنظمة الأربعة وهي مشروع نظام الأحوال الشخصية ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، هذه المشروعات يتم إعدادها من قبل المؤسسات ذات العلاقة لإقرارها وفق الطرق النظامية لتقليل مدد التقاضي وتعزيز القدرة على التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة وضمان تأدية كل فرد لمسؤولياته وعدم التنصل منها.
وقبل أن أختم مقالي هذا، وبحكم عملي في مركز الملك سلمان الاجتماعي أود أن أشيد بالنقلات النوعية التي يشهدها القطاع غير الربحي في المملكة، حيث تستهدف رؤية 2030 رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من نسبة أقل من 1 في المئة إلى 5 في المئة. وقد حظيت منصة «إحسان» وما سبقها من مبادرات خيرية بدعم غير محدود من القيادة الحكيمة لتعزيز قيم العمل الخيري في المجتمع السعودي وتيسير المساهمات الخيرية وتشجيعها وضمان وصولها لمستحقيها بكل شفافية. كذلك حظي العمل التطوعي بوافر كبير من الاهتمام إذ تم تخصيص برامج في رؤية المملكة 2030 لتطوير هذا القطاع ونشر الوعي والثقافة بأهمية تفعيل العمل التطوعي في المجتمع السعودي، والوصول بعدد المتطوعين من 11 ألف فقط حاليا إلى مليون متطوع في عام 2030.
ختاماً وفي خضم هذا الحراك الهائل تنمويا واجتماعيا وسياسيا وفي كل المجالات لا أملك إلا أن أتوجه إلى العلي القدير أن يحفظ لنا قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين ويشد عضده بسمو ولي العهد الأمين وان يمد في عمريهما ويمتعهما بموفور الصحة والعافية وان يديم على بلادنا نعمة الأمن والرخاء ويحفظها من كل سوء ومكروه.
** **
م. الأميرة الجوهرة بنت سعود بن ثنيان آل سعود - الرئيس التنفيذي لمركز الملك سلمان الاجتماعي