للعبادة مواسم كثيرة يجب على الإنسان المسلم استغلالها ومن هذه المواسم هذا الشهر الفضيل شهر الخير شهر البركة شهر العتق من النار شهر رمضان الذي ينتظره المسلم بفارغ الصبر أحد عشر شهراً.
من صام هذا الشهر إيماناً واحتساباً وقام لياليه وأحيا أوقاته بالذكر والدعاء وقراءة القرآن فقد كسب وأفلح ومن فرط فيه فقد خاب وخسر، جعلني الله وإياكم من الصائمين القائمين وجعلنا من عتقائه من النار، ونحمد الله حمد الشاكرين الذي مكننا هذا العام من الصلاة بالمساجد وصلاة القيام فهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى، يجب أن نشكر الله عليها أولاً وأخيراً، ثم نشكر حكومتنا الرشيدة على ما قامت به من اجراءات واحترازات، كنا العام الماضي في حجر لا نستطيع أداء الصلوات في المساجد بسبب جائحة كورونا، والآن نؤديها بكل يسر وسهولة، وهذا الشهر الفضيل الذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وأنزل الله فيه القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو شهر خير انتصر فيه المسلمون في جميع غزواتهم، ومنها غزوة بدر وفتح مكة في 21 رمضان عام 8هـ وفيه تم فتح الأندلس عام 91هـ وفيه انتصر المسلمون على التتار في معركة عين جالوت عام 658هـ وفيها انتصر العرب على اليهود في 10 رمضان عام 1393هـ، شهر خير وانتصارات للمسلمين في كل الأزمان.
لقد كان المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وصحابته والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان وستة أشهر أخرى ليتقبل الله منهم صيامهم.
وبعد أن دخلنا الآن العشر الأواخر نقول لرمضان مهلاً لأن هذه العشر الأواخر فضلها كبير وبدون شك فإنه قد خسر وخاب من أضاع هذه الليالي العشر بالسهر على الملهيات وعلى اللهو الباطل، وأضاع هذا الوقت الثمين فيما لا ينفع.
حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها. وفي الصحيحين عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليلَه وأيقظ أهلَه. وفي المسند عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كانت العشر شمر وشد المئزر. إننا لا ندرك هل نصوم رمضان بعد عامنا هذا أم لا نصومه، فيجب أن نتزود وإن خير الزاد التقوى، ومن خصائص هذه العشر الاعتكاف.. في الصحيحين عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل. ثم اعتكف أزواجه من بعده. وفي صحيح البخاري عنها أيضاً قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام. فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عاماً، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين، رواه أحمد والترمذي.
اللهم وفقنا لما فيه الخير والصلاح وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأصلح أمرنا كله واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.