ربما يعود العزوف عن الكتابة في التربية عند البعض وأنا منهم لأهمية الموضوع وغزارته مما يُشعر الكاتب بأنه قد رَكِب قنطرة الاختصار المُخل، ومع هذا سأوجز مقالي في أهمية توظيف الموقف التعليمي في التربية الوطنية في سائر الدروس التعليمية وفي جميع التخصصات وكافة مراحل التعليم العام والعالي للطالبات والطلاب حاليًا عبر التعليم عن بعد.
وهذه الملحوظة يجب أن تكون أحد أهم النقاط التي يتم التركيز عليها في تقييم القائمين على مباشرة العملية التعليمية من المعلمين والمعلمات وأساتذة التعليم العالي.
فالنمو المعرفي هو أهم عوامل النجاح في توظيف الموقف التعليمي في ربط الجيل بوطنهم في شتى العلوم والمعارف العلمية والنظرية والتطبيقية وسأقدم بخبرتي المتواضعة بعض الأفكار وأعلم أن في الميدان من هو أعلم وأقدر على هذا مني لكن هو جهد المحب المُقل فمثلا في علوم التربية الإسلامية والشرعية يربط الطلاب بحب وطنهم ويوضح الآيات والأحاديث والأحكام وبشكل عام بيان عظمة المملكة العربية السعودية في رفع راية التوحيد وتطبيق أحكام الشريعة السمحة وخدمة المقدسات والاهتمام بالمسلمين في الداخل والخارج ومنها على سبيل المثال في بداية رمضان ونحن على أبوابه بإذن الله من الجميل جدا مع الأدلة في هذا الباب الحديث عن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لإفطار الصائمين في الخارج، برامجه اليومية، خلال شهر رمضان المبارك، لإفطار أكثر من مليوني مسلم ومسلمة في أكثر من أربعين دولة حول العالم.
وفي التأريخ تعزيز روح الولاء لملوك هذا الوطن ورجالهم الذين وحدوا أرجاءه وعم بجهدهم بعد الله الأمن والأمان، وفي الجغرافيا كذلك النهضة في جميع أرجاء الوطن ومثلها التقنية والحاسب وفي المواد العلمية ازدهار مصانعنا وصادراتنا على مستوى العالم وفي الأدب واللغة الحديث عن الاهتمام بلغة القرآن وما يخدم ذلك وفي علم الاجتماع الحديث عن وطننا واللحمة الوطنية على امتداد السنين وفي علم النفس التركيز على أن كل من (يزعم أنه إنسان) خلق الله فيه غريزة حب الوطن وفي الطب الحديث عن جهود الدولة في تطوير جهاز الصحة حتى عمت القرى والمدن والهجر أرقى المباني الصحية ومراكز الرعاية الصحية الأولية وأكبر شاهد ما بذلته الدولة رعاها الله في الحد من انتشار كوفيد - 19 بجهود كان لها بعد عناية الله أكبر الأثر في سلامة المواطن والمقيم والحاج والمعتمر وزائر المسجد النبوي.
كل هذه الفضاءات العلمية الواسعة يمكن أن يتم توظيفها في تنمية المواطنة في نفوس الناشئة، ولسنا في هذا الوحيدين فكل دول العالم تركز على التربية الوطنية وفي دراسة مقدمة للقاء السنوي الثالث عشر لقادة العمل التربوي بالباحة 1426هـ.
د. راشد بن حسين العبد الكريم/ وزارة التربية والتعليم
د. صالح بن عبدالعزيز النصار/ كلية التربية/ جامعة الملك سعود
وضحت (الدراسات العالمية أن أكثر من 80 في المائة من المعلمين في الدول المتقدمة مقتنعون بجدوى تدريس التربية الوطنية وراضين عن مستوى أدائهم فيها) كما أن ما قدمتُه في مقالي هذا من تبسيط لإمكانية توظيف الموقف التعليمي في التربية الوطنية عبر برامج التعليم عن بُعد حتى لا يُقال إن الموضوع يحتاج جهوداً للتدريب على هذا وإن كان فيه جانب مهني قد يحتمل الصواب، لكن يمكن تجاوزه بغزارة علم القائمين على التعليم في الدراسة المشار إليها سابقاً ما يلي (من الدراسات الحديثة أيضاً دراسة العجاجي (1422) التي هدفت إلى التعرف على الصعوبات التي واجهت التجربة السعودية في تدريس التربية الوطنية في المرحلة الثانوية كمادة مستقلة. وتم ذلك من خلال استقصاء آراء المعلمين الذين يدرسون هذه المادة في المرحلة الثانوية في مدينة الرياض وعددهم 232 معلما، باستخدام استبانة مكونة من 64 فقرة موزعة بين محاور الدراسة: الأهداف، المحتوى، الوسائل والنشاطات، الاحتياجات التدريبية. وأظهرت الدراسة عدداً من النتائج منها:
1. أن أهداف مادة التربية الوطنية كانت غير واضحة لدى كثيرٍ من المعلمين، وخاصةً بعض الأهداف ذات البعد الثقافي، الاجتماعي، والاقتصادي.
2. أن المقرر قد أغفل بعض جوانب المحتوى ذات الأهمية الكبيرة في التربية الوطنية.
3. أنه توجد صعوبات لدى المعلمين في الاطلاع على الوسائل والنشاطات المناسبة للمادة وكيفية الاستفادة منها.
4. أن المعلمين عبروا عن قلة تدريبهم، وحاجتهم لدورات تدريبية في جميع جوانب مادة التربية الوطنية لتأهيلهم بطريقة مناسبة. أما دراسة الريس (1421) فقد هدفت إلى تحليل القيم المتضمنة في مقررات التربية الوطنية للصفوف الثلاثة الأخيرة من المرحلة الابتدائية، وقد اتبع الباحث أسلوب تحليل المحتوى مستخدماً وحدة المحتوى أو الفكرة أساساً لرصد القيم التي تتضمنها هذه الكتب الثلاثة. وأظهرت النتائج توزيع القيم التي صنفها الباحث في تسع مجموعات ..الخ).
وحب الوطن غريزة في النفوس لدى سائر البشر وإنما كان لزيادة وسائل الإعلام وسهولة التواصل التقني التي جعلت من أمم الأرض قاطبة أن تستنفر طاقاتها وجهودها لتحد من شدة وطأة وقوة تأثيرها في الشعوب وهذا يدفعنا للإفادة من ساعات التعليم عن بعد في هذا الجانب المهم من جوانب التربية.
فوطننا بحمد الله أعظم الأوطان، مهبط الوحي وقبلة المسلمين وأنعم الله عليه بالتقدم والرخاء والأمن والإيمان والسلم والإسلام فهو جدير بأن نهيم به حبا يتمثل في كل قيم الحياة التي تحقق السعادة الدينية والدنيوية للفرد والأسرة والمجتمع والوطن بأسره وبالعمل الجاد كما كان عليه الآباء والأجداد من إخلاص وحب لوطننا المملكة العربية السعودية يقول شكسبير (لا توجد قواعد للحب، لكن لا حب دون إخلاص) وأخيرًا أختم بنقولات في هذا السياق قال عمر رضي الله عنه: (عَمر اللهُ البلدانَ بحب الأوطان) وقال ابن الزبير: (ليس الناس بشيء من أقسامهم) أي ما قسمه الله لهم من الأرزاق والحظوظ، أقنع منهم بأوطانهم.
وقيل: (من علامة الرشد أن تكون النفس لبلدها تواقة وإلى مسقط رأسها مشتاقة). وقال بعضهم:
وكُنا ألِفْناها ولم تَكُ مَأْلَفاً
وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
كما تُؤْلَفُ الأرضُ التي لم يَطِبْ
بها هواءٌ ولا ماءٌ ولكنها وطن
قلت: فكيف بالحب إذا كان لوطننا الذي هو مألف أزلي أبدي بما حباه الله به من القداسة والإيمان.
وقالت الهند: (حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك).
وقالت الفرس: (تربة الصبي تغرس في القلب حرمة كما تغرس الولادة في الكبد رقة) ربيع الأبرار للزمخشري 1/197: 198
ويقول معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله (الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والإحساس بالكرامة).
وفي نهاية أسطر مقالي فثقتي وعلمي بالزملاء في الميدان الأكاديمي والتربوي كبيرة جدا، فقد عايشت كافة أوساط التعليم في معظم أنحاء وطني الحبيب في عملي في التدريس والإشراف التربوي والتدريب التربوي ولا أرى نفسي إلا أقلهم وربما دافع المحبة والصلة بالمهنة بعد التقاعد كانت محفزا للتواصل عبر هذه الأسطر والقلوب الي بعضها أقرب من هذا.
والله الموفق والهادي.
آخر السطر..
حُب الوطن غريزة في كل إنسان