د. عبدالرحمن الشلاش
وجدت من واقع خبرتي العملية أن من أسباب مجاملة الرؤساء أو المديرين لموظفيهم صلة القرابة أو الصداقة أو المصالح المشتركة أو ضعف شخصية المدير وخوفه من لسان الموظف الطويل، وربما يلجأ المدير للسكوت عن بعض الأفعال الخاطئة من موظف، نتيجة لأن هذا الموظف أيضاً يسكت عن المدير ولا يفصح بعض الأحيان عن فساد المدير المالي والإداري؛ انطلاقا من المبدأ الفاسد «شد لي وأقطع لك» وهي دون شك في الحالتين خيانة للأمانة وبيع للضمير.
سألت أحد الرؤساء عن مجاملته لأحد الموظفين فحاول إنكار هذا الأمر, وحين تكرر سؤالي قال صحيح أن هذا الموظف يتأخر وفي بعض الأيام يتغيب وقد يتأخر في أداء بعض المهام، وقد تكون علاقاته غير جيدة بالبعض، ولكن له إيجابيات تشفع له! طبعاً لم يذكر لي تلك الإيجابيات التي يراها حسب وصفه، فقلت له لكن لديه كل هذه العيوب وتغض الطرف عنه هذه مشكلة كبيرة!
قد تبدو المجاملة في بعض المواقف مطلوبة إذا كانت من باب التلطف والترحيب والسؤال عن الأحوال كفن إداري من أجل احتواء الموظف وحفزه على العطاء , ودمجه في أجواء العمل. أدرك أن لديكم الكثير لتقدموه.. إمكاناتكم عالية وأنتم أهل لهذه الوظيفة.. مثل هذه العبارات تحفيزية حتى لو رأى البعض أنها من أنواع المجاملة.. في رأيي هذه مجاملة مطلوبة قد تنفع مع بعض الموظفين فتعطيهم طاقة إيجابية.
للأسف كثير من أنواع المجاملات هي مضرة بالعمل مثل السكوت عن فوضوية موظف وعدم انضباطه, وغض الطرف عن مشاكسات موظف.. وعدم التعقيب على ضعف إنتاجية موظف آخر, وترك موظف دون حسيب ولا رقيب يعبث ويضرب باللوائح عرض الحائط، ويتسبب في تأخير معاملات المراجعين وقس على ذلك حالات كثيرة تدخل في نطاق المجاملة المذمومة المفسدة للعمل والتي لا بد من القضاء عليها تماماً لتستقيم الأمور.
في نظري المجاملة مع هذه النوعية من الموظفين تبدأ من استقطابهم للعمل، ثم عدم تطبيق النظام عليهم في حال تقصيرهم أو توجيههم ان كانوا يتقبلون التوجيهات.
خطورة المجاملة أنها قد تؤدي إلى خلق مناخ سيء جدا يسوده التوتر والعداوات، وشعور بعض الموظفين المجتهدين بالتفرقة والظلم وتفشي المحسوبيات, وكل هذه الأمور تقود إلى ما هو أسوأ مثل تدني الإنتاجية وتفشي الفساد الإداري والمالي, وعندما يمنح الموظف المتقاعس امتيازات لا يستحقها مجاملة له، هنا ستكون ردة فعل الموظف الجيد والمنتج والمثابر عكسية، حين يتولد الإحباط والتخلي عن تقديم أي إنجازات إضافية وهنا تكمن الخطورة الحقيقية.