كانت المخدرات وما زالت أحد أساليب الحروب الفتاكة ضد الشعوب والتي تستخدم لنشر الإدمان وتدمير الأمم. فنشر هذه الآفة خاصة في جيل الشباب، ينتج عنه مضاعفات مجتمعية وأخلاقية على نطاق واسع، تؤدي إلى انتشار الجريمة والأمراض النفسية وخلق مجتمع بمبادئ متدنية وغير منتج، وينتهي ذلك بفساد هذ المجتمع وتقويضه من الداخل. وقد استخدم الغرب هذ السلاح في مستعمراتهم السابقة، بهدف سلب إرادة الشعوب المستعمرة التي تبقى تحت تأثير هذه المخدرات، فلا يثوروا ضد العدو المستعمر الذي يستمر في نهب ثروات أوطانهم بدون مقاومة. وأذكر هنا على سبيل المثال كيف استخدم الغرب الهيرويين في الصين والهند لفترات طويلة بطريقة ممنهجة لهذ الغرض كما يذكر التاريخ.
هو مادة كيميائية منشطة، وهي أحد مشتقات الأمفيتامين. (Fenethylline) علمياً الفينيثالين الكبتاجون وتم تصنيعه لأول مرة في ألمانيا سنة 1887م على شكل بودرة كريستاليه تُذاب في الماء للحقن، وكان لها في البداية استخدامات طبية قبل أن يتم اكتشاف مضاعفاتها الخطيرة طبياً ونفسياً، بما في ذلك الإدمان وانتشار حالات الانتحار بين المتعاطين.
ولهذه المادة تأثير كبير على كيمياء الدماغ ويتم ذلك من خلال إحداث تغييرات كبيرة سلبية ومدمرة في الموصلات العصبية في الدماغ مثل دوبامين ونورابينفرين وسيروتونين، وهذه الموصلات لها تأثيرات على وظائف متعددة في الجسم طبية ونفسية.
ويعاني مدمن الكبتاجون من الهلوسات السمعية والبصرية وتضطرب حواسه في تخيل أشياء لا وجود لها,كما يؤدي الاستعمال إلى حدوث حالة من التوهم حيث يشعر المدمن بوجود حشرات تتحرك في الجلد. وهناك من تظهر عليه أعراض تشبه حالات مرض الفصام أو جنون العظمة. كما يعانون من الشعور بالاضطهاد والبكاء بدون سبب والشك في الآخرين فيشك المدمن في أصدقائه وزوجته فيعتقد بأن لها علاقات مع غيره مما يسبب مشاكل عائلية واجتماعية عظيمة. ومع الإفراط في الاستخدام، يحدث نقص في كريات الدم البيضاء مما يضعف المقاومة للأمراض, كذلك تحدث أنيميا، ويسبب حقنة في الوريد حدوث إصابات في الشرايين مثل الالتهاب والنخر وفشل كلوي وانسداد الأوعية الدموية مما يؤدي إلى نزيف في المخ قد يؤدي إلى الوفاة.
ويتم تهريب الكبتاجون حالياً في شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم يتم تصنيعها في معامل غير مرخصة في بعض الدول وتعاني من شوائب وسموم تخلط في مكوناتها التي أبعد ما تكون خالية من البكتيريا المضرة، ولله الحمد والمنة تقوم الجهات الأمنية والجمارك على حدود الوطن بكشف شحنات كبيرة من هذ المخدر والتي لولا سمح الله وجدت طريقها إلى شبابنا، لسببت الكثير من المآسي والآثار التي ذكرتها آنفا، ولكن يقظة المسؤولين كما رأينا على وسائل إعلامنا، حالت دون تحقيق مآرب المتربصين بهذ الوطن وشبابه.
وعلى مدى ثلاثين عامًا من عملي كطبيب نفسي، منها واحد وعشرون عامًا في الولايات المتحدة الأمريكية، رأيت كيف دمرت هذه المخدرات أجيالاً من الشباب والذين تحولوا من أفراد لبناء مجتمعاتهم إلى معاقين يلفظهم المجتمع، وقد يعانون من أمراض نفسية مزمنة قد يكون شفاءها متعسر، وكيف قادهم إدمانهم للتحول من شرفاء وأبناء أسر إلى مرتكبي جرائم ونزلاء للسجون وعالة على كل من حولهم.
حفظ الله قيادتنا الحريصة على أمان وسلامة الوطن والمواطن، ويستحق رجال الأمن والجمارك تحية تقدير واحترام لما يقومون به من عمل مشرف وتضحيات وتفاني في أداء عملهم وقانا الله وإياكم شر الأعداء الحاقدين.