خالد بن حمد المالك
تحدث الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع الإعلامي عبدالله المديفر مطولاً عن صندوق الاستثمارات، وركز ولي العهد على الجوانب الإيجابية والربحية وتنامي رأس مال الصندوق، وقارن الوضع الاستثماري الآن بما كان عليه من قبل؛ كانت ربحية الصندوق ما بين 2 و3 % والآن يحقق ما بين 6 و7 % في أغلب استثماراته، يضيف الأمير: كان الصندوق ينفق من استثماراته داخل المملكة قبل الرؤية 3 مليارات ريال، وفي عام 2020م أنفق داخل المملكة 90 مليار ريال، وفي عام 2021م سوف ينفق 160 مليار ريال، هذا يعني أن الصندوق ينفق أكثر من الإنفاق الرأسمالي في ميزانية الدولة، حيث لا يتجاوز إنفاقها 150 مليار ريال.
* *
الأرقام هي التي تتحدث، وهي حجة الأمير محمد بن سلمان أمام من يتحدث بغير ذلك، واليوم يقوم الصندوق بتحريك الاقتصاد السعودي أكثر من ميزانية الدولة -والكلام للأمير- وسيستمر في شكل تصاعدي إلى أن يصل في 2030 إلى 400 مليار ريال، لكن السؤال من أين ستأتي هذه الأموال ورأسمال الصندوق لا يتجاوز حالياً تريليون وخمسمائة مليار ريال، وفي عام 2030م أربعة تريليونات ريال، يجيب الأمير بأن على الصندوق عدم الاحتفاظ بالأصول، وأي أصل نضج يتم التخلص منه، وإذا كان الأصل في سوق الأسهم يتم تخفيض نسبة الصندوق، وأي شركة يتم إنشاؤها وتحقق أرباحاً لن تستمر أكثر من خمس سنوات إلا وهي مطروحة في السوق، مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية والسودة، وهذا هو الذي عناه الأمير محمد بإجابته عن مصدر تدفق الأموال لتصل في عام 2030م إلى 400 مليار ريال، وبذلك -يقول الأمير- سيكون قائد الإنفاق الرأسمالي في المملكة ليست ميزانية الدولة، وإنما صندوق الاستثمارات العامة.
* *
ومن متابعتنا للقاء، وتحديداً في التفاصيل عن إيرادات الصندوق، والهدف من الاستثمارات العامة، يلاحظ أن الأمير لم يتردد في القول إن إيرادات الصندوق لخزينة الدولة صفر الآن، وأن الهدف حالياً يتركز على النمو، وأن يكون لدينا صندوق استثماري ضخم جداً حتى يكون رافداً لإيرادات الدولة بعد 2030؛ بمعنى أن التوجه في عدم تحويل أرباح الصندوق لميزانية الدولة على حساب نمو الصندوق، فالتركيز إذاً هو على نمو حجم الصندوق، بدليل نموه في السنوات الأربع الماضية بحوالي 300 %، والمتوقع خلال السنوات الخمس القادمة أن ينمو بنسبة 200 %، وهذا لا يعني أن الصندوق وجد لمنافسة القطاع الخاص، وإنما هو لتعزيز فرص القطاع الخاص، فالقطاع الخاص قبل وجود صندوق الاستثمارات العامة كان يعتمد على الإنفاق الرأسمالي الحكومي الذي كان يتراوح ما بين مائة إلى خمسمائة مليار في السنة، في حين أن الصندوق ضاعف هذا الإنفاق بما مقداره 160 مليار ريال.
* *
ولم يشأ الزميل عبدالله المديفر - وهو الإعلامي المتمكِّن - أن يخلو اللقاء من حديث عن علاقات المملكة الدولية، وتحديداً مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والوضع في اليمن، وكانت إجابة الأمير أن العلاقة مع أمريكا في عهد الرئيس بايدن علاقات يسودها الاتفاق بما نسبته 90 %، والأمور التي نختلف عليها تشكل عشرة بالمائة، ونعمل على إيجاد الحلول لها، وتحييد خطرها على بلدينا، وأمريكا شريك استراتيجي للمملكة منذ ثمانين عاماً، مثلها مثل الصين وروسيا والهند التي أعلنت أنها شريك إستراتيجي للمملكة.
* *
تحدث ولي العهد لأول مرة عن موقف سعودي إيجابي (مشروط) في إعادة العلاقات مع إيران، فهي - كما يصفها سموه - دولة جارة، وكل ما نطمح له أن يكون لدينا علاقة طيبة ومتميزة معها، يضيف الأمير: المملكة لا تريد أن تكون إيران في وضع صعب، بل نريدها دولة مزدهرة وتنمو، فلدينا مصالح فيها، ولديهم مصالح في المملكة، وإشكاليتنا هي في التصرفات السلبية التي تقوم بها، سواء في برنامجها النووي، أو دعمها للمليشيات خارج القانون في بعض دول المنطقة، أو برنامج الصواريخ الباليستية، وتعمل المملكة مع الشركاء في المنطقة وفي العالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات، ونتمنى - يقول الأمير - أن نتجاوزها، وأن تكون العلاقات طيبة، وإيجابية، وفيها منفعة للجميع، إذًا فدعوة الأمير إلى علاقات طبيعية مع إيران مشروطة بأن تتخلّى عن تصرفاتها السلبية.
* *
نختم هذه السلسلة من قراءتي لحديث سمو ولي العهد بما كان محور حديثه عن اليمن، وبما قاله من أن أي دولة في العالم لا تقبل أن تكون هناك ميليشيا على حدودها، أو وجود تنظيم مسلح خارج عن قانون الدولة على حدودها، وهذا ما لا تقبل به المملكة، ودعا سموه الحوثيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع جميع الأقطاب اليمنية للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن، وتضمن مصالح دول المنطقة، نعم للحوثي علاقة بإيران، لكن الحوثي في الأخير يمني، ولديه نزعته العروبية، واليمنية، التي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر، ويراعي مصالحه ومصالح وطنه، وأنا أقول شخصيًا: ما بعد كلام ولي العهد من عذر أو مبرر لاصطفاف الحوثي مع إيران، للإضرار باليمن والمملكة ودول المنطقة.