عبده الأسمري
منذ أن يولد الإنسان في هذه الحياة وهو في مثابرة لتحقيق الأمنيات ومكابرة لوأد التداعيات.. فيظل متأرجحاً بين هواية ذاته وهوية غاياته فتنتهي الأيام وتنقضي السنوات والعمر في صعود والقوى في نزول لتأتي المراحل العكسية بين تقدم في السنين وتقادم في السن فتكتمل المنظومة الحياتية بين البداية والوسط والنهاية..
لكل إنسان خطة يومية في حياته تبدأ معه منذ استيقاظه ليصدر «المخ» من غرفة عمليات معقدة أوامر العيش وتوجيهات التعايش ثم تأتي ساعات النهار وتعقبها مسافات الليل لتبدأ عقارب الساعة في «فرض» تحركاتها «الثابتة» وسط سباق محموم نحو الأماني وسياق مختوم حيث المصير.
في حياتنا «خرائط» ذهنية تتغير في اليوم والليلة وتتبدل بين الدافع والنية وتتحول وسط الهدف والنتيجة نرسمها بخطوط خضراء يملؤها «التفاؤل» ونخطها بحدود حمراء يسكنها «التوجس» ونثبتها بمسارات سوداء يحيطها «التشاؤم» بينما يسكن الإنسان في أرض هذه الخارطة محاطاً بافتراضات «التوقع» ومسكوناً بفرضيات «الواقع» متجهاً إلى حيثيات «الوقع» في «متاهات» ترسم الوجه الإجباري لحقيقة «الحياة».
يوجه الإنسان بوصلة اهتمامه نحو الأمنيات ويربط صلة همته باتجاه الحاجات في اتجاهات العيش ومجابهات التعايش وسط محطات عمر تتجلى فيها «مشاهد» التفوق وتتشكل وسطها «ملامح» الذات في معارك نحو تحقيق «الثبات» ومسالك إلى أحقية «الإثبات».
متاهات الحياة متعددة وخرائط العمر متجددة في «حقائق» تتوارد في «أقدار» متعاقبة و«شؤون» متلاحقة و«مواقف» متفاوتة يعلو فيها صدى «الأنا» ويختفي وسطها صوت «الضمير» وتتبارى فيها صراعات الإنسان بين داخل يرتمي في الندم وظاهر يتباهي بالعزة ووسط الاتجاهين يظهر «السلوك» في مصائر من الخير والشر ودوائر من السواء والسوء.
اليقين بالطريق القويم يستدعي عدة مقومات تنبع من الدافعية وتكبر مع الشخصية فيخوض الإنسان في دروب الحياة «غمار» التجارب ليجني في عواقب العمر «ثمار» المشارب التي ينهل منها «فوائد» التفكير و«منافع» التدبير وصولاً إلى القناعة بالمقسوم والرضا بالنصيب.
في الحياة «محطات» يتزود منها الإنسان بزاد «الفهم» ويلتمس فيها «سداد» الفكر ليصنع أول «خارطة» في الدراسة التي تشكل أول «خطوط» النجاح وتهيئ اقرب «حظوظ» الكفاح وسط متغيرات في التعلم وتغييرات في الاكتساب تواجهها «الذات» بثبات «الدافع» وتنتصر عليها بإثبات «الهدف» في خطة لتجاوز كل «المعوقات» واجتياز كل «العوائق».
تتوالى خرائط «الذهن» في معترك التعليم حتى يوجه الإنسان قبلته شطر «المهنة» فيكتمل أول معنى للاختيار وتتكامل أمثل قيمة للاقتدار في منظومة درب جديد من الدراسة بالتدقيق والممارسة بالتطبيق فتعكس «الحرفة» أولى صور «الاقتناع» في هيئة «إبداع» منتظر و«إمتاع» متوقع.
تأتي خارطة «المستقبل» بتحدياتها وامتداداتها وتوجساتها ومخاوفها فيكون رسمها من واقع «أدوات» الشهادة و«مهارات» الشخصية وأرضيتها محددة بالشروط ومشروطة بالحدود أمام «الإمكانات» وحول «القدرات» فيأتي صراع البحث عن العمل وتسارع الهروب من التأخير وإشباع الاكتفاء عن الأسرة ليبقى الإنسان في ذلك حائراً بين قيمة «الكفاح» وضريبة «المتاح» في سبل تحكمها «الأنظمة» وتنظمها «الأحكام» في مسائل «المهن» وأمور «الوظائف» ولوائح «التعيين».
تتشكل في حياتنا العديد من المتاهات المتعلقة بتحقيق الأهداف منذ أول يوم دراسي وحتى آخر نفس دنيوي في أبعاد مختلفة واتجاهات متباينة من التخطيط الذهني والمنجز المستهدف لذا فإن محط الفشل الأولى متاهة صعبة تتطلب خارطة محكمة تبنى ملامحها من عمق «الصبر» إلى أفق «الجبر» وبعنوان عريض يتلخص في أن «المحاولات الجادة تؤدي إلى نهايات مجيدة»..
يعيش الإنسان في هذه الدنيا بين «المتاهة» و»الخارطة «في كل حياته فالعقل الإنساني في مواجهة حتمية مع «متاهات» تشكلها «منحنيات» الظروف و«تعقيدات» المشكلات و»تبدلات» الأحوال و«تبعات» المراحل و«تداعيات» الزمن وتبقى الحلول في «خرائط» تفرضها مسلمات «العيش» وإيجابيات «الإنجاز» وحتميات «المواجهة» وضروريات «الانتصار» وغايات «النهاية».. لذا فإن العبرة بمن عبر المحطات واعتبر بالتجربة ومن اجتاز الأزمات وأنجز بالنتيجة..