رشيد بن عبدالرحمن الرشيد
في الثالث عشر من رمضان يوم الأحد للعام الهجري 1442هـ، كنا على موعد حزين لفقد رجل فاضل وجسد طاهر، خطفه منا هادم اللذات ومفرق الجماعات، ودعناه ونحن نلهج بالدعاء أن يثبته الله بالقول الثابت ويجعل ما أصابه كفارة وطهوراً.. ودعناه ونحن على فراقه لمحزونون.. لكنه ذهب إلى ربٍّ جوادٍ كريم ندعوه أن يكرم نزله ويتجاوز عنه ويغفر له ويرحمه ويجمعنا به في جنات النعيم.
محمد الغفيلي أبو خالد من أوائل الموظفين الإداريين في القطاع الصحي بمستشفى الرس، تقاعد هو وزملاؤه في جيله، لكنه لم يقطع حبل المودة معهم، فكان يستضيفهم أسبوعياً في جلسته (السبتية) بكل ود ومحبة، وتوسعت هذه الديوانية لتستقبل أصدقاءه ومحبيه، وكان -رحمه الله- يأسرك بأخلاقه ومعاملته وبشاشته، وكثيراً ما ناقشت تلك الجلسات هموم المحافظة وباركت كل إنجاز إيجابي (للديرة) وهي البشرى التي ينقلها أبو خالد من وقت إلى آخر لضيوفه.
محمد منذ نعومة أظفاره ومرحلة شبابه وهو يحمل همّ محافظته وتطورها فكانت طموحاته وآماله ليس البحث عن الذات ومصلحة النفس.. ولكن كيف تصبح الرس مسقط رأسه محافظة كاملة الخدمات، فسخر قلمه إلى مطالبة المسؤولين في الوزارات إلى تحقيق مطالب محافظته ولم يكل أو يحبط.. كانت صفحة (وطن ومواطن) في جريدة الجزيرة الغراء تشهد العديد من حكاية محمد ووفائه وبره لمحافظته الرس.. ولا يقف عند هذا وحسب لكن ربما سافر وطرق أبواب الوزارات بالرياض أو فروعها بالقصيم لمتابعة مشروع متعثر أو مطلب لم يطرح فكانت الرس في قلبه.
أبو خالد كاتب مهتم بتاريخ محافظته، وهو شاعر مقل له مشاركات محدودة في مناسبات وطنية.. لكنه اتجه إلى مواساة بعض الأسر وتأبين بعض الراحلين ولا سيما من أهل المحافظة من خلال هذ الصفحة (وفاء) مما كان له أثر في تخفيف مصابهم.
عانى أبو خالد قبل فترة من بعض الأمراض ولكن حاله صابراً شاكراً وكان لا يألو أن يتواصل مع محبيه حتى مع مرضه من خلال الاتصال، وفي الشهر الأخير تضاعفت عليه أعراض المرض.. حتى استقبلنا رسالة تفيد أن محمد في ذمة الله، وفي المقبرة كان الوداع حزيناً، والألسن تلهج بالدعاء أن يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه.. رحل محمد جسداً وسيبقى سيرة عطرة وذكرى خالدة.
خالص العزاء إلى أخيه وأبنائه وبناته وأهله وأسرته الغفيلي، وإلى محافظة الرس بابنها البار، والتي أدعوها إلى تكريمه رحمه الله... و{إنا لله وإنا إليه راجعون}.