في حياة ومسيرة الشعوب لحظات تاريخية تظل بالذاكرة الجمعية لتلك الشعوب على مر الأزمان، لن أبالغ بأن لقاء سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التلفزيوني الأخير هو من اللحظات التاريخية لوطننا أنه ليس فقط بمناسبة ذكرى خمس سنوات على انطلاق رؤية 2030، كما تابعته مع الملايين في المملكة والعالم، بشر سموه بمستقبل المملكة وعلى أية أرضية سوف تكون بتوجهاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية.
استذكر كلام سموه في ملتقى دافوس الصحراء بالعاصمة الرياض قبل سنوات عندما قال «سوف ندمرهم حالاً» وكان يتحدث عن تيارات الإسلام السياسي من أخوان ودواعش ومن لف لفهم. في حديثه التلفزيوني الأخير وضح سموه نظرتنا كدولة ومجتمع للدين الوسطي الذي يحترم خصوصيات الفرد سواء المسلم أو غير المسلم فلا يمكن أن تكون جزءاً من هذا العالم والفكر المتشدد هو من يسير المجتمع، فمثلاً قطاع السياحة والذي أكد سموه على أهميته في تنويع مداخل الدولة وخلق الآلاف من الوظائف في الداخل واستقبال ملايين السياح في المستقبل ونحن منغلقون فكرياً ودينياً خاصة أن الدول المجاورة تراهن مثلاً على قطاع السياحة والخدمات في دول الخليج ما بعد النفط، نعم نحن تأخرنا في عملية التغير الاجتماعي والديني والثقافي المنسجم والمتصالح مع الحياة الإنسانية الكريمة ولكننا محظوظون في قائد شاب ملهم صاحب رؤية واضحة مثل سمو ولي العهد الذي يختصر الزمن في عملية البناء وإعادة هندسة فكر المجتمع، وسموه ليس بعيداً عن هموم شعبه بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، فقد كان محور حديثه الأخير هو المواطن والمواطنة السعودي، حتى أنه في آخر اللقاء وفي إجابة على ماذا يراهن سموه في المستقبل قال إنه يراهن على المواطن السعودي وهذا يعطي أهمية ودلالة واضحة أن المواطن ومن يقيم على أرض هذا الوطن هو محور التنمية ومشاريع رؤية 2030 أي أنه هو المستهدف والمستفيد من مخرجاتها.
ما أسعدنا هو تركيز سموه وبالأرقام على ما تحقق من إنجازات اقتصادية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم بسبب جائحة كورونا ومما تسبب في انخفاض أسعار النفط وتضرر مداخيل الدول المصدرة، الاقتصاد السعودي بدأ بالتعافي جراء حزم الدعم الحكومية للقطاع الخاص خاصة في دعم رواتب الموظفين السعوديين في بعض الأنشطة وآخرها القطاع الصناعي، قضية البطالة وهي المستهدفة بالرؤية لتكون بحدود 7 % في عام 2030 نشهد انخفاض العاطلين جراء السياسات الرشيدة للحكومة ومنها توطين الوظائف في كثير من القطاعات الاقتصادية، بالفعل بدأنا نشهد قطاعاً خاصاً يخلق الوظائف للمواطن.
نحن وطن وشعب محظوظ بقائد ملهم كسمو ولي العهد خاصة أن سموه مؤمن إيماناً عميقاً بمشروعه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فكثير من دول العالم الثالث تجد القيادات تتبنى برامج مفروضة عليها المؤسسات الاقتصادية الدولية، في وطننا نجد سموه يسابق الزمن في طموحه ورؤيته وخلفه شعب يعشق التحدي والعمل، مصالح الدول وحاجاتها هي المحرك للتغير والاستعداد للمستقبل بكافة احتمالاته، وبرنامج الرؤية بقيادة سمو ولي العهد هي أداتنا والأجيال القادمة نحو المستقبل الذي تسيطر عليه المصالح بعيداً عن الأيدلوجيات بكافة أشكالها.
** **
- عقل العقل