عبد الرحمن بن محمد السدحان
* مَنْ منَّا لا يذكر طيّب الذكر، معالي الشيخ جميل إبراهيم الحجيلان، الوزير والدبلوماسي والأديب والإنسان، وأزعم أن القليلين منّا يجهلون أن لدى هذا الرجل المتعدّد المواهب ذائقةً أدبيةً تتجلّى في إطلالته بين آن وآخر عبر بعض نوافذ الإعلام، وحين يكتب أبو عماد يأسر قارئَه بأناقة العبارة، وسلاسة الطرح، وسداد الرأي.
***
* ورغم ذلك أكاد أجزم أنّ معاليه مقلّ في الكتابة لأمر لا نعرف له سببًا، رغم أنه يملك حصادًا من الرؤى والذكريات والمواقف ممّا يستحق أن يُروى! ليس في مقال عابر فحسب، وهو ما نتمنّاه وإن قلّ، ولكن عبر كتاب يدوّن فيه تجربته إعلاميًا وسياسيًا وفكريًا. وأذكر أنني رجوْت معاليه ذات مرة أن يكتب مذكراته وينشرهَا قبل أن تأتي عليها (أرضةُ) النسيان، فقال معاليه إنه يفكّر جدّيًا في ذلك، وأقول بدوري إنّا لتحقيق ذلك الوعد لمنتظرون!
***
* وتلمع في خاطري تلك المداخلة المبدعة التي أدلى بها معاليه ذات مرة في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض عبر الجلسة الأخيرة التي بها اختتمت ندوة الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه، وترأسها شبله المبدع سمو الأمير خالد الفيصل حفظه الله، حين شنَّف الآذان بحديث الذكريات التي ربطته بالملك الشهيد، وذلك خلال فترة سياسية حرجة من تاريخ هذه البلاد الطاهرة التي شهدت صراعاتٍ عربيةً لم تأمرْ بها بلادنا ولم ترضَ عنها أو تسعَ إليها، وكان الإعلام، المكتوب منه والمسموع وسيلةَ التراشق فيما يُعرف بمعركة وتصفية الحسابات بين بعض الأطراف والأطياف العربية!
***
* وقد روى معاليه مشهدًا من مشاهد النبوغ السياسي الفيصلي بعيدِ المدى، حين وجهه الملك الحكيم بأن يُبلغ رؤساء تحرير الصحف المحلية أمرَه الكريمَ بأن لا يطرح أحدٌ منهم تصريحًا أو تلميحًا لما حلّ بالشقيقة مصر في أعقاب نكسة حرب 1967م، ولم تكن العلاقات مع الشقيقة مصر آنئذ في أحسن أحوالها، لأسباب يعرفها المعاصرون لتلك الحقبة، وقد روى معالي الشيخ الحجيلان تلك المواقف ذاتَ مساءٍ بأسلوب آسرٍ وجميل!
***
* وقبل أن أكمل كتابة هذا المقال، قرأت في أحد المصادر أن معالي الشيخ جميل يعكف على إنجاز نصوص مشروع كتاب يروي ذكريات معاليه. وهذا ما أتمناه.
***
وبعد..
* أتمنى على أبي عماد أن يسارع في إنجاز تدوين مذكراته وإخراجها للناس، ففيها عمق الثقافة وعبق الدبلوماسية وألق التاريخ!