بمزيد من التأني والذهن المتقد والروح المتسامحة ووضوح الاعتدال يقرأ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خارطة التحديات التي تواجهها المملكة في منطقة لم تعرف الاستقرار طوال تاريخها دون تجاهل إفرازات الأزمات البنيوية التي تعصف بالاقتصاد العالمي، فتح سموه هامشًا أوسع لعلاقات مختلفة مع إيران تقلّل من التباينات في وجهات النظر تتيح الحديث عن مصالح متبادلة يتم البناء عليها بالشكل الذي يساعد على نمو وازدهار المنطقة والعالم.
تجاوز بحيوية تفكيره المعهودة تعقيدات الأوضاع في اليمن وأثرها على دول المنطقة حين رأى في عروبة الحوثيين عنصر يتغلّب على علاقاتهم القوية مع إيران معطياً تطمينات للقبول بوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات توطئة لإنهاء الحرب التي تهدد استقرار اليمنيين والشعوب المجاورة ويندرج في سياق العقلانية التي يتعامل بها صاحب السمو الملكي مع الأزمات المفتوحة والجروح الملتهبة.
اعتدال فهمه للعلاقات الداخلية وطرق تعامله مع قضايا حيوية تثير اهتمام المجتمع السعودي تلتقي عصرية إدارة الدول مع التمسك بالثوابت في تفكير سموه حين يؤكد على كتاب الله وما صح عن خاتم الأنبياء وخير المرسلين دستوراً ومنهجاً دائماً للمملكة باعتبارهما من الأسس والمرتكزات التي قامت على أساسها الدولة الحديثة ونص عليها النظام الأساسي للحكم ولا يترك صاحب السمو الملكي مجالاً للغموض حين يحدّد فهمه للاعتدال وحضوره في الحياة اليومية فهو سياسة حكم وحياة شعب يستوي في ذلك الجميع يقوم على أساسه عمل مؤسسات الدولة وسياسات الحكم ومناهج التعليم. يظهر صاحب السمو الملكي وعياً بالتأثير المتبادل بين السياسة والاقتصاد حين يحرص على توفير فرص نجاح رؤية 2030 فهي سبيل استغلال الفرص غير المستغلة والاستمرار في النمو والازدهار والمنافسة على كل الجبهات كما أكد في أكثر من مناسبة ولم تكن الرؤية التي وضعها وأظهرت دراية عميقة بمحركات السياسة والاقتصاد العالميين وسبل الخروج من الأزمات بعيدة عن أسس أرساها المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه -ى للمملكة مما أهلها لعبور حقول الألغام بأمان. هناك حقيقة راسخة في ذهن سموه لا تخفى على قارئ للتاريخ مفادها إتاحة التجربة المتراكمة للمؤسس وسلالته المجال أمام اتصال المملكة بالعالم، إسهامها في الاستقرار والتنمية منحها الأرضية الصلبة في مواجهة كافة أشكال الإرهاب بكافة صوره ووضعها البلاد في صدارالدول التي تجتث التطرف مما يبقي السياسة السعودية في سياق متصل يجنبها الصدمات حين يقتضي تطور الزمن ضخ دماء جديدة.
** **
- فيصل الحمود المالك الصباح