إبراهيم بن جلال فضلون
خماسية حياة، بعد خماسية من العمر، كثرت فيها أعين الشك والريبة حيال هذه الرؤية، وتحول كثير من الاستراتيجيين دوليًا ومحليًا من شاطئ التشكيك إلى شاطئ الانبهار بها، لما فيها من الطموح الكبير الذي يتعدى من وجهة نظرهم إمكانات السعودية حينها، ليؤكد صندوق النقد الدولي في تقاريره الدورية المنتظمة والمنشورة على موقعه الرسمي أن برامج تحقيق الرؤية التي تقوم عليها «رؤية السعودية 2030» تحقق المستهدفات، وعزيمة المملكة وإصرار قادتها ورغبة شعبها على إحداث تغييرات جوهرية في مفاصل الدولة، وتعزيز مكانة البلاد الإقليمية والدولية بتحقيق إنجازات استثنائية، كانت شاهدة على صعود المملكة في مؤشرات التصنيف العديدة والمحايدة، أيدتها الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة للنمو وتوظيف المواطنين بارتفاع معدل مشاركة النساء في سوق العمل بأكثر من 20 %، وانخفاض معدل البطالة بين المواطنين إلى 11 %، وانخفاض أعداد العمالة الوافدة، حتى بدأت تحدث أثرًا إيجابيًا في الاقتصاد الوطني، مع آفاق مستقبلية إيجابية أيضًا.
خماسية اللامستحيل: ما يحدث في المملكة من حراك جم بمختلف المجالات كان متسارع الخطى لمجده، الذي رسم طريقه وسلك التغيير والإصلاحات الشاملة، بل بمنزلة خارطة طريق لإعادة صياغة المملكة الثالثة، والدفع بها إلى عالم من التقدم والازدهار والتنمية. ولن تحيد عنه قيد أنملة، حتى تبلغ عنان السماء، مؤمنة بـ(لا للمستحيل)، طالما وجدت الرغبة الجادة والنية الصادقة في تطوير الذات والتقدم نحو الأمام بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبصيرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لذلك فقد حققت الإصلاحات قاعدة لتنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة، عبر الاستقرار المالي والاقتصادي والحوكمة المتميزة، وإطلاق المشاريع الرأسمالية التي تضع مسارًا لبرامج «رؤية المملكة 2030»، مع إصلاحات أسعار الطاقة التي ساعدت على خفض معدلات استهلاك الفرد للبنزين والكهرباء، كما تحسنت شفافية المالية العامة والصحة وغير ذلك، في ظل نجاح المملكة في مواجهة أزمة كورونا، وهو ما يدعم البيئة الاستثمارية وتمكين تطبيقات التجارة الإلكترونية، وتشجيع الابتكار ونشر الثقافة الرقمية، وتعزيز فرص تأمين بيئة رقمية آمنة وموثوقة عبر تطوير الأنظمة واللوائح وتعزيز الأمن السيبراني.. وصولاً إلى أعلى 15 دولة في الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 20 ألف متخصص وخبير في البيانات والذكاء الاصطناعي، واستثمارات بنحو 75 مليار ريال كون الأمن من أهم عناصر جودة الحياة.
خماسية مؤشرات: قفز ترتيب السعودية في مؤشر التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» حتى أصبحت الأولى في معدل التحسن على مقياس المؤشر من بين أول 45 دولة، وثاني أعلى زيادة بين مجمل الدول الـ141، والأولى في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي لعامين متتاليين، وتقدمها في البنية التحتية بستة مراكز إلى الترتيب الـ34، بل أشاد في تقريره السنوي الخاص بمشاورات المادة الرابعة لعام 2019 بالإصلاحات الهيكلية في السوق المالية والاستثمار الأجنبي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تعزيز عملية إعداد الميزانية، واستحداث نظام لإدارة النفقات عبر شبكة الإنترنت «اعتماد»، ومكافحة الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خماسية رؤى وتمكين: استعرض مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ما حققته الرؤية بعد مرور خمس سنوات منذ إطلاقها، موزعًا على محاور الرؤية الثلاثة: (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح)، وكان تركيزها في مرحلتيها على سبعة أمور هي: (تأسيس البنية التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية، ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات)، تليها مرحلة (متابعة التنفيذ، ودفع عجلة الإنجاز وتعزيز مشاركة المواطن والقطاع الخاص بشكل أكبر)، وهي مرحلة انطلقت مع بداية هذا العام 2021م، وتستمر حتى عام 2025م لدفع عجلة الإنجاز والحفاظ على الزخم المطلوب لمواصلة الإصلاحات.
خماسية تحول: لإجراء تحديثات تطويرية على برامج تحقيق الرؤية، وضمان اتساقها مع المستهدفات، ورفع كفاءة الإنفاق والاستجابة للمستجدات الاقتصادية. جاءت توصيات المجلس في ثلاثة محاور أساسية: بدأت بإعادة هيكلة بعض البرامج الحالية، وإنشاء برامج تواكب متطلبات المرحلة التالية كتأسيس برنامج «تحول القطاع الصحي»، يهدف إلى إعادة هيكلة القطاع؛ ليكون نظامًا صحيًا شاملاً لتحقيق تطلعات الرؤية. ثم إضفاء مرونة على جداول تنفيذ بعض البرامج، وتحديد أولويات التنفيذ، وتمكين التغييرات المتعلقة بالسياسات التشريعية لتنتهي بمرحلة نقل مبادرات برامج: «تعزيز الشخصية الوطنية» و»ريادة الشركات الوطنية» و»الشراكات الاستراتيجية» إلى البرامج والجهات المرتبطة بها، بعد تحقيق البرامج غالبية أهدافها في الأعوام الخمسة الأولى من الرؤية، وانتفاء الحاجة للحفاظ على استقلاليتها في المرحلة التالية.
وقفة: كانت الرؤية مثالية في منهجيتها، تفي بوعودها، وتفاجئ العالم والسعوديين قبلهم بمبادرات وبرامج ابتكارية إبداعية، وأفكار خارج الصندوق، تثمر التميز السعودي الفذ بنجاح قادة استثنائيين، خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الحالم، فأعادوا توظيف إمكانات البلاد الطبيعية والبشرية والمالية واستثمارها بالشكل الأمثل، لتكون الراية لدولة أقوى وراسخة، تستشرف المستقبل بعيون حالميها لغد مشرق، تعكسها لغة الأرقام والإحصاءات الرسمية والدولية، ورغم ذلك أكد ولي العهد أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به على مختلف الصعد؛ لتحقيق باقي الأهداف على النحو المأمول والمطلوب.