إحياء ليالي رمضان بالعبادة، والنوم في نهاره
* لورود الفضل في ليالي رمضان وإحيائها بالصلاة وقراءة القرآن، جعلتُ نومي في النهار، والليل للعبادة، مع المحافظة على الصلاة في الجماعة، فهل فعلي هذا صحيح؟
- الخير كله في اتباع النبي -عليه الصلاة والسلام-، والسير على هديه ومنهاجه، ما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحيي الليل كله إلا في العشر الأواخر، فإنه «إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» [البخاري: 2024]، وأما ما عدا ذلك ففي العشرين كان يخلط الوقت بين النوم والقيام، فعلى المسلم أن يفعل ذلك وينوِّع العبادات، ويقضي ليله -لا سيما في العشرين- في الذكر والتلاوة والصلاة والدعاء، ثم ينام يسيرًا أو وقتًا يستعين به على الإفادة من بقية وقته؛ لأنه إذا سهر الليل كله فإنه في النهار -وقد يكون أطول من الليل- يفوته أعمال صالحة كثيرة من وظائف النهار، ولو حافظ على الصلوات؛ لأنه ينبغي أن يستغل الوقت؛ لأن رمضان فضله عظيم وثوابه جزيل، وجاءت فيه النصوص، فما ينبغي أن يقضى النهار كله في النوم بحجة أنه قام الليل كله، بل يستعين بشيء من نوم الليل على وظائف العبادات في النهار، وأما إذا دخلت العشر واغتنامًا للوقت وطلبًا لتحصيل ليلة القدر فإنه لو أحياها كلها ما بين تراويح وتهجد وقراءة ودعاء فهذا ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يفعله.
تشجيع الأولاد الصغار على الصيام بواسطة الجوائز
* أنا أم لأولاد صغار لم يبلغوا الثامنة من العمر، فقلتُ لهم: (من صام منكم في رمضان فسأعطيه بكل يوم عشرة ريالات)، فهل هذا أسلوب جيد لتعويدهم على الصيام؟
- لا شك أن الترغيب بهذه الطريقة لا سيما لغير المكلفين طريقة ناجحة ومفيدة في تعويدهم على الصيام وحثهم عليه، مع إشعارهم أن الصيام لله -جل وعلا-، فيخبرون بأن النية في الصيام لله، وأنه لا بد أن يكون خالصًا له، وأن هذا مجرد إعانة وحافز لهم، فلا مانع من ذلك، وتؤجر هذه الأم على هذه النية وهذا القصد.
***
استعمال الحبوب التي تذوب تحت اللسان حال الصيام
* والدي مريض بالقلب -شفاه الله والمسلمين أجمعين- وقد وصف له الطبيب حبوبًا توضع تحت اللسان وتذوب وتتحلل، فهل يجوز أن يتناولها أثناء الصيام في رمضان؟
- إذا كانت هذه الحبوب بحيث إذا وضعتْ تحت اللسان وتحللت لا تنساب إلى الجوف من خلال الحلق فإنها لا بأس بها، فإذا تحللت يلفظ هذه الأجزاء المتحللة، ولا مانع من ذلك، لكن إن كانت هذه الأجزاء المتحللة تختلط باللعاب ثم يبتلعها وتنساب إلى جوفه فهو يُفطر بذلك.
التفرغ لقراءة القرآن وترك طلب العلم في شهر رمضان
* هل تنصح طالب العلم بالاستمرار في طلب العلم الشرعي أثناء شهر رمضان المبارك مع تخصيص أوقات لقراءة القرآن الكريم، أو أن يتفرغ بالكلية لقراءة القرآن؟
- جاء عن بعض السلف كالإمام مالك وغيره أنهم كانوا يتفرَّغون لقراءة القرآن ويتركون التحديث بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويقولون: هذا شهر القرآن، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] فيتفرغون له، فمن تفرغ للقرآن تفرغًا حقيقيًا وليس بدعوى؛ لأن بعض الناس يزعم أنه يترك الأعمال الصالحة كترك التعلم وترك التعليم وترك الدعوة إلى غير بدل تشبُّهًا بالسلف! نعم التشبُّه في الترك أمره سهل، لكن الكلام في التشبُّه بالفعل، وأفعال السلف إن كنتَ تريد أن تفعل مثل أفعالهم فتفرَّغ للقرآن، وإن كنتَ تريد أن تجد لنفسك ذريعة في ترك الأعمال الصالحة إلى غير بدل، إلى النوم مثلًا فتقول: (أنا أتفرَّغ وأترك العلم والتعليم والدعوة تشبُّهًا بالسلف)! فأنت غير صادق في دعواك، فإن كنتَ تريد التشبُّه بهم حقيقةً فافعل ما يفعلون، واقرأ في سيرهم، واصبر على ما صبروا عليه، والله المستعان.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-