د.بكري معتوق عساس
رسولنا الكريم -صلي الله عليه وسلم-تركنا على المَحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، و(المَحجّة) هي طريقة الرسول-صلي الله عليه وسلم-وأصحابه وسلف الأمة. وديننا الإسلامي وسطي يتوافق مع الفطرة والمنطق. لازال في الذاكرة، موقف حدث لي بعد انتهاء دراستي في جامعة ويلز وعودتي إلى المملكة، وبالتحديد في شهر رمضان عام 1996م. في ذلك العام اتفق أن جاء لأداء العمرة أحد زملائي في البعثة من دولة الإمارات العربية الشقيقة وهو على درجة عالية من التقى فيما أحسبه، ففي أثناء دراستنا عرفت عنه الطيبة وحسن المعشر. تلقيت اتصالا من ذلك الصديق يدعوني لحضور محاضرة بعد صلاة التراويح عن الجهاد الأفغاني المستعر وقتها وسيكون بعدها جمع تبرعات لدعم المجاهدين، وكانت -على ما أذكر- في فندق برج العرب في محلة الهجلة. اعتذرت عن الحضور، لكنه أصر بدعوى أنه يريد مقابلتي، بعد انتهاء صلاة التراويح ذهبت إلى الفندق. بدأ المحاضر يتكلم عن المجاهدين في أفغانستان والمكرمات الربانية لشهدائهم وضرب أمثلة من أن بعضا منهم كانت تخرج من قبره رائحة المسك وآخر وُجدَ مبتسماً في قبره وثالث شوهد مع حورية من حواري الجنة وغيرها من الكرامات التي لم يَرِد أنها حدثت حتى لشهداء غزوات الرسول- صلى الله عليه وسلم-. عندها استأذنت من ذلك الصديق للانصراف معللاً ذلك بأن كلام المحاضر لا يتماشى مع المنطق والعقل وديننا دين العقل والمنطق ورغم طلبه مني البقاء إلا أنني أصررت على الانصراف. للأمانة كان ذلك الصديق طيب القلب ومحبًّا للدعوة كغيره من الذين خدعوا بهذه القصص الغريبة. بعدها بسنوات قابلت ذلك الصديق وكان في زيارة للعمرة وإذا به يقول: أبو مشرف هل تذكر محاضرة الجهاد الأفغاني التي أصررت فيها على عدم إكمال المحاضرة وخرجت مسرعاً، قلت نعم، قال: ذكرت ما جاء في المحاضرة لمن أثق به من علمائنا، فقال: «إنك الوحيد الذي كان على حق». انتهى كلام ذلك الصديق.