خالد بن حمد المالك
إذا قلنا إنه لقاء تاريخي فهو كذلك، وإن أشرنا إليه على أنه حديث الساعة فلم نخطئ التقدير، وإن تحدثنا عنه كون سموه وضع النقاط على الحروف في كل ما كان يخطر على البال فإننا لم نذهب بعيدًا؛ فقد كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه المتلفز مع الإعلامي المبدع عبدالله المديفر حالة خاصة بين لقاءات القادة والزعماء على مستوى العالم، ولا أبالغ في ذلك.
* *
وقبل أن أدلي بدلوي فيما أراه عن الموضوعات والقضايا التي أجاب فيها محمد بن سلمان عن أسئلة المديفر، أتساءل: لماذا لا يسن سموه سنة حسنة، ويكون له لقاء شهري، يُطلع فيه المواطنين على المستجدات، ويتحدث لهم عن الجديد الذي جدّ في الحراك الذي تشهده المملكة، كونها الآن ورشة عمل في كل مجال، وفي جميع الميادين، بما يجعل الحديث من عرابها وعقلها المفكر غير كاف أن يكون لقاؤه بعد مدد زمنية طويلة، بينما الإنجازات والتطورات في ازدياد، والمواقف السياسية تتجدد؛ ويكون المواطن في شوق إلى التعرف على تفاصيلها من رجل الهمة والاقتدار.
* *
وعودًا على بدء، فقد كان الأمير - كعادته - واضحًا وشفافًا، ولا تخونه المعلومة، ولا طريقة عرضها، ملمًّا بالتفاصيل؛ فالأرقام حاضرة لديه، والإحصائيات بين يديه، فأتت إجاباته مقنعة، وآراؤه سديدة، وطموحاته بلا حدود، وثقته وآماله بالمستقبل تفيض عن المعتاد، ما جعل من حديثه وآرائه محل الاهتمام في الداخل والخارج.
* *
مرور خمس سنوات على إطلاق رؤية المملكة 2030 يستحق أن يكون الاحتفال به، وبما تحقق من إنجازات، في حديث لولي العهد. فما تم إنجازه وفقًا للرؤية كان كبيرًا ومهمًّا وعظيمًا؛ فقد أصبح الطريق واضحًا، وخطوطه مرسومة، والأهداف محددة، ولا تخضع للاجتهاد أو المزاج، ولا شيء نفكر فيه إلا وقد تبنته الرؤية في الحاضر والمستقبل؛ وبذلك رأينا صورة المملكة وهي تتغير بسرعة، وسلوك الناس يختلف عن الماضي، المجتمع أصبح مع الرؤية وبها يستمتع بحياة ذات جودة عالية؛ لأننا - كما قال الأمير - نريد أن ينمو الوطن، وأن يكون المواطن راضيًا. والطموح لن يتوقف بعد تحقيق أهداف رؤية 2030 التي توقع الأمير أن يتم إنجازها قبل نهاية 2030؛ فتاليًا هناك رؤية 2040، التي ستكون هي الامتداد.
* *
في حديثه التاريخي قال الأمير إن دستورنا هو القرآن وما صح من السنة، والفتاوى تتغير مع الزمان والمكان، وإننا لسنا ملزمين بمدرسة شرعية معينة، أو بعالِم معيّن؛ لأننا بذلك نكون ألّهنا البشر، وأن باب الاجتهاد مفتوح. وهو بهذا أقفل الطريق تمامًا أمام المزايدين باسم الدين، والمتآمرين على البلاد والمواطنين باستخدام الدين، وفوّت الفرصة على كل من يدعم التنظيمات المشبوهة التي تحتمي بالدين لتمارس إرهابها ضد الوطن والمواطنين.
* *
عناوين كثيرة ومهمة في لقاء المديفر بسمو ولي العهد، فلا ضرائب على الدخل، وضريبة الـ15 % مؤقتة، وأقصى مدة لها خمس سنوات، وهناك نقاش مع إحدى الشركات الريادية في العالم لتستحوذ على 1 % من أرامكو، والبطالة ستنخفض من 13 % إلى 7 % قبل نهاية الرؤية 2030، وعام 2015 كان عامًا صعبًا؛ فقد وجدنا أن 90 % من عشرين قياديًّا في كل وزارة ضمن النطاق الأحمر، و80 % من الوزراء غير أكفاء، والخط الثاني شبه معدوم. وهناك مكتب للسياسات في مركز الدولة على وشك الانتهاء من تأسيسه لمواءمة الاستراتيجيات.
* *
من العناوين: أن سموه يختار فريق عمله ممن يتمتعون بالكفاءة والقدرة، ولكن الأهم أن يكون لديه شغف، وأن يكون العمل قضيته الشخصية. وعن الإسكان أشار إلى أنه تم تحقيق 60 % من نسبة الإسكان، وهناك فرص كبيرة للاستثمار في التعدين والسياحة والخدمات اللوجستية، ولا عقوبة على شأن ديني إلا بنص قرآني صريح وتطبيق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكل الأرقام التي كان يُعتقد أنها كبيرة وغير قابلة للتحقيق كسرناها. العناوين كثيرة، وهذه بعضها، والذي لم نتطرق إليه له الأهمية ذاتها؛ فاللقاء - باختصار - كان ثريًّا وغنيًّا بالمعلومات والأخبار السارة.
- (غداً نكتب عن المحاور الأخرى في اللقاء)