عثمان بن حمد أباالخيل
الإنسان بطبعه يحب نفسه، الإنسان مجبول على حُبِّ ذاته ويحب أن يعاملها بالصور والطرق التي يراها مناسبة. البعض يتعدى هذا الحب إلى حب الأنانية والنرجسية التي يرى أنها الصورة التي يستحقها الذات، والأنانية موجودة لدى كل الناس ولكنها تتفاوت من إنسان إلى آخر. لكن من هو الإنسان الأناني؟ هو الذي لا يفكر إلا في مصلحته الخاصة، ولا يهتم إلا بما يريده ويحتاجه، دون أي تفكير في احتياجات الآخرين أو رغباتهم. إنها المبالغة في حب النفس والإعجاب بها والتمتع بالأشياء دون سواه. شخصياً أرى الابتعاد عن الإنسان الأناني وعدم إعطائه أكثر مما يستحق فيظن أنه يستحق ذلك، لكن الظروف أحياناً تجبرنا للتعامل معه هنا علينا الحرص في تعاملنا.
أتساءل كما يتساءل الكثيرون ما الذي يدفع الإنسان أن يكون أنانياً؟، حتماً هناك أسباب ودوافع لذلك من تلك الدوافع الطفولة وهي بيت القصيد في معظم تصرفاتنا وسلوكنا، الطفل حين يعاني في طفولته القسوة والتعرض للضرب والتقليل من الشأن، الحرمان غير المبرر، زرع فكرة الانتقام من أقرانه الصغار، التدليل الزائد الذي يفقد الطفل شخصيته، التفرقة في التعامل والتميز في كل ما يهم الطفل. العلاقة بين الأم والأب والتي يعيش الطفل أحداثها العلاقة القائمة على السب والشتم والوعيد وإلغاء الطرف الآخر، كل هذا يؤدي إلى الأنانية المكتسبة عن طريق التربية والثقافة العامة في المجتمع.
الأنانية هي شيء فطري أم مكتسب؟، كلاهما لكن المكتسب هو الذي يهيمن على الإنسان في كل مراحل حياته، النجاح لا يعني أن أنجح فقط، بل أن أنجح ويسقط الآخرون إنها قمة الأنانية. قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
اختفت عند الكثير من الناس سمة الإيثار على النفس وحل محلها أنا والأنانية. تناسوا أن الإيثار التكافل والتآخي والتعاون والمحبّة في المجتمع، أن الإيثار السلام والمحبة وغرس روح التعاون. يا لها من صفة يعشقها الحالمون براحة البال والفرح لفرح الآخرين. كم هو جميل أن يغرس الآباء وتغرس الأمهات صفة إيثار الأطفال مع أقرانهم وتعديل صفة الأنانية التي بداخلهم وتحويلها إلى نحن بدلاً من أنا.
همسة في أذان الأنانيين هل تعرفون أم لا تريدون أن تعرفوا ما هو رأي الأطباء النفسيين في وضعكم؟، الأطباء النفسيون يرون أن الأشخاص الأنانيين يميلون إلى التلاعب، حيث يعتقدون أنه السبيل الوحيد لتلبية احتياجاتهم. والشيء السيء في الأمر هو أن التلاعب ليس شيئاً نولد به، بل أنه يتطور وينمو مع الممارسة ومرور الوقت. أكثر الأشياء وجعاً، أن يظلمك أحدهُم جَهراً، ويَعتذر لك سِراً. - نجيب محفوظ.
وفي الختام الأنانيون لا يخجلون من أنفسهم حين تراهم يتعاملون مع الآخرين بكل أنانية ظنهم أن العيون لا ترى أنانيتهم. إنهم يشبهون النعامة التي تدفن رأسها بالرمل.