د. عبدالرحمن الشلاش
موظف قدَّم استقالته من عمله رغم راتبه الجيد وعندما سأله مديره وهو يتسلَّم ورقة الاستقالة عن سبب الاستقالة الجوهري، هل هو ضعف الراتب أو عدم وجود ميزات أم سوء بيئة العمل المعنوية والمادية أجاب الموظف على الفور ليس أي من هذه الأسباب يا أستاذي هو سبب الاستقالة لكني لم أجد نفسي في هذا العمل. لم أحس يوماً واحداً أثناء السنة كاملة بميل لهذا العمل، ولم أتصور أنني سأحقق أي من طموحاتي من خلاله!
قصة الموظف توضح لنا أن السر في نجاح الموظف حبه لعمله الذي يميل إليه ويتقنه ولديه الرغبة القوية فيه والشغف هو الدافع القوي جداً للنجاح والإبداع، بل إن الرغبة والشغف والحب للعمل تجعل الموظف ينغمس في وظيفته لدرجة أنه ينسى نفسه، وربما أمضى وقتاً طويلاً في دوامه وبمعدل ساعات أكثر من المعدل المطلوب، وقد وجدت موظفين يوجدون في مقار أعمالهم خارج أوقات الدوام الرسمي ولساعات طويلة لإنجاز مهام ودافعهم القوي حبهم لأعمالهم، بينما وجدت موظفين تحولوا إلى عالة على جهات عملهم لدرجة أن سعت تلك الجهات للتخلّص منهم والبحث عن موظفين منتجين محبين لأعمالهم ومبادرين لإعمالهم بشغف وحب غير عادي.
معرفة الموظف المحب لعمله الذي يمارسه ليست عملية صعبة، تجد المحب لعمله منغمساً أثناء تأديته لمهامه ومتفاعل يتحرك مثل النحلة ويتعامل مع الزبائن والعملاء بروح عالية ويبادر لمساعدة زملائه وسد النقص إن وجد كل ذلك لأن الموظف قد وجد نفسه في هذا العمل. لكن كيف يجد الموظف نفسه في عمل ما؟ وكيف يحب هذا العمل ويبدع فيه؟
الأصل أن من يحب مهنة التعليم وأسس نفسه في هذه المهنة واكتسب فيها خبرات عريضة قد لا يحب أن يعمل في عمل مكتبي بحت، أو في شركة تموين. السائق الذي يقود مركبته ويجد في ذلك متعة كبيرة ربما لا يجد أي ميل للعمل في البناء أو في بيع الكماليات وهكذا لذلك تبقى الرغبة المبنية على المعرفة والمهارة وإتقان العمل الأساس في حب موظف لعمل ما.
لذلك فإن حب الموظف لعمله يعني زيادة في الإنتاج وضمان استمرار الموظف في العمل وتطوير نفسه وبذلك نكسب موظفين مميزين كثر في جهات متعددة وهذا يعني أن على مؤسسات العمل مسؤوليات عظيمة في توجيه الشباب المتقدمين للأعمال التي يرغبون فيها ويحبونها بدلاً من توجيههم لأعمال لا يحبونها ولا يجدون أي شغف حيالها وبذلك نخسر الكثير من الموظفين الذين يخرجون من العمل وبما يشكِّل فاقدًا كبيرًا للوطن.