د.بكري معتوق عساس
جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، لذلك من جمع الله له بين عافية بدنه وأمن قلبه وقوت يومه فقد أعطاه الله جميع النعم التي من ملك سعادة الدنيا لم يحصل على أكثر منها. فالسعادة لا يمكن شراؤها بالمال وإلا كان الأغنياء قد قضوا عليها بأموالهم، وبعضهم نجد أن أغلى ما يتمنى الواحد منهم في هذه الدنيا أن يحصل على المال. فهل يظن الواحد من هؤلاء أن ساكني القصور سعداء؟ ربما من يسكن الغرف وينام على الحصير أكثر سعادة منهم. وصدق ابن الرومي حين قال:
فلا تَغبطَن الُمترَفين فإنّهم
على قدر ما يعطيهم الدهر يَسلُبُ
ما دعاني للكتابة هنا رسالة نصية من زميل عزيز تدور حول هذا الموضوع أترككم معها.
أراد رجل فاحش الثراء أن يحسس ابنه بقيمة النعمة التي بين يديه. ويريه كيف يعيش الفقراء من الناس!!
فأخذه في رحلة إلى البادية وقضوا أياما وليالي في ضيافة أسرة فقيرة تعيش في مزرعة بسيطة.. وفي طريق العودة سأل الأب ابنه:
كيف كانت الرحلة؟
أجاب الابن: كانت ممتازة.
الأب: هل رأيت كيف يعيش الفقراء؟
الابن: نعم
الأب: إذاً أخبرني ماذا تعلمت من هذه الرحلة؟!
الابن: لقد رأيت أننا نملك كلبا واحدا والفقراء يملكون أربعة..
ونحن لدينا بركة ماء في وسط حديقتنا وهم لديهم جدول ليس له نهاية..
لقد جلبنا الفوانيس لنضيء حديقتنا وهم لديهم نجوم تتلألأ في السماء..
باحة بيتنا تنتهي عند الحديقة الأمامية ولهم امتداد الأفق..
لدينا مساحة صغيرة نعيش عليها وعندهم مساحات تتجاوز تلك الحقول..
لدينا خدم يقومون على خدمتنا وهم يقومون بخدمة بعضهم بعضا..
نحن نشتري طعامنا وهم يأكلون مما يزرعون..
نحن نملك جدرانا عالية لكي تحمينا وهم يملكون أصدقاء يحمونهم..
كان والد الطفل صامتا مندهشا.. حينها رد الطفل قائلاً: شكراً لك يا أبي لأنك أريتني كم نحن فقراء!!! انتهى النص.
من هنا نجد أن السعادة تختلف في أعين الناس فهناك من غطّى سوء تفكيره على عينيه فأظلمت الحياة في نظره!!
ويمكن أن تختلف النظرة إلى الأشياء باختلاف الناظرين، ويمكن للإنسان أن يستمتع بالقليل على أن آخرين لا يقنعون بشيء مهما كثر.
قال حكيم: «لو كانت السعادة تعني الحياة بلا قلق، لكان المجانين هم أسعد الناس».