عبدالوهاب الفايز
وكأن لبنان يخرج من الحاضر..!
وواقعه المؤلم يجعل هذا البلد الجريح حاضراً في الذكريات، أمّا واقعه فلا يحمل لنا كل يوم سوى الأخبار السلبية عن تهريب المخدرات والصراعات السياسية والخراب الاقتصادي.. هكذا تعمر لبنان الأوطان. ماذا عن العراق واليمن!
أيضاً الألم طالنا نحن السعوديين، فأن نضطر إلى وقف الصادرات اللبنانية، من الخضراوات والفواكه، فهذا مؤلم. ولكن نأمل أن يكون التفاعل والتأييد الدوليين الذي لقيه هذا القرار في صالح الشعب اللبناني، لأنه يقدم ورقة إدانة وفضح جديدة للنخبة السياسية التي يهيمن عليها النفوذ الإيراني، وتجلى هذا النفوذ بتنامي الغطرسة والغرور لدى عملاء إيران بـ (اللعب على المكشوف)، عبر المجاهرة بتجارة المحرمات.. واللبنانيون بكل أريحية وشفافية أصبحوا يطلقون على حزب الله: (حزب المراوانا والحشيش).!
ضلوع الحزب اللبناني في التهريب ليس جديدًا، فالعديد من الدول ومنذ عشر سنوات اكتشفت عمليات التهريب وقامت باعتقال لبنانيين محسوبين على الحزب ومتورطين بتهريب المخدرات وغسيل الأموال. هذا التورط الواسع جزء من العقيدة السياسية والعسكرية للحزب، ففي عقيدته يعتبر تهريب المخدرات جزءاً من المقاومة ويعترف بذلك قادته الدينيون قبل السياسيين.
وهذا يجعلنا نتساءل عن أشكال المقاومة الأخرى إذا الحزب يرى تهريب المخدرات (واجباً مقدساً) رغم خطورتها المتعدية المدمرة على المجتمعات، وتحقيقات الفيدرالي الأمريكي في نوفمبر 2008 وثقت أن (حسن نصر الله أعلن لأنصاره أن تهريب المخدرات أمر مقبول أخلاقيًا عندما يتم بيع المخدرات إلى الغربيين كجزء من الحرب ضد أعداء الإسلام).
الحزب الذي يقوم بدوره في مشروع تصدير الشر الإيراني، وظل لثلاثة عقود يقاوم على كل الجبهات، هذا الحزب الإرهابي لن يتورع عن استخدام كل المحرمات من تهريب للسلاح، وتزييف للعملة وتجارة للدعارة وغسيل للأموال، إلى جانب الحرب الفكرية والإعلامية، والتجسس لصالح إيران عبر زرع العملاء في مؤسسات الدول والمجتمعات العربية التي يرى أنها ضد المقاومة مثل السعودية وبقية دول الخليج.
لقد وجدت إيران الفرصة في الخراب والفوضى في العراق وسوريا ولبنان، فأوجدت ممراً آمناً للتهريب من المثلث الذهبي لزراعة المخدرات في جنوب آسيا، فحولت سوريا إلى بؤرة لإنتاج المخدرات ومنصة لتصديرها إلى الدول العربية والى الغرب وأميركا الجنوبية. لقد وجد الإيرانيون وحلفاؤهم في تجارة المخدرات حاجه مُلحة ومشروعة للتخفيف من الأزمة المالية التي فرضتها العقوبات الأمريكية.
هذه الأزمة المالية سبق أن اعترف بها الرئيس الإيراني حسن روحاني والذي أكد أن الجمهورية الإيرانية تمر بأسوأ أزمة اقتصادية منذ تأسيسها في عام 1979، مع استمرار العملة الإيرانية في التراجع والأوضاع الاقتصادية في التدهور. العقوبات الأمريكية دفعت إيران إلى قطع التمويل عن ميليشياتها في سوريا؛ فالمقاتلون الموالون لها توقفت رواتبهم، وهذا الوضع عالجته، بتعاون من نظام بشار الأسد، عبر تنشيط تجارة المخدرات وغسيل الأموال لأجل تمويل الاستمرار في القتال وزعزعة استقرار المنطقة.
التحالف الإيراني اللبناني في تجارة المخدرات يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وهذا أكسبهما خبرة ومهارة في تجارة كل المحرمات ليصبحا بارعين ويحققان نجاحاً كبيراً في تجارة المخدرات في العالم.
الغريب في هذا الشأن صمود الحزب في تجارة المخدرات رغم الوثائق والوقائع والتحقيقات الدولية المتعددة التي تدينه والتي تكشف أن حزب الله وإيران يهدفان من خلال تهريب المخدرات إلى إلحاق الأذى بالدول الغربية وزعزعة أمنها واستقرارها، كما تم توثيق تعاون إيران وحزب الله مع عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية. كما أن بعض حكومات أمريكا اللاتينية، مثل فنزويلا، أكثر من مستعدة لتزويد عناصر الحزب المتطرفين ملاذًا آمناً لأنشطتهم الإجرامية المتعلقة بالمخدرات.
فعلاً أمر لبنان، وأمر حزب المخدرات والإرهاب محير وغريب!