في بلادنا معالم وأماكن كان لها ارتباط بأحداث وشخصيات مميزة ومع مرور الوقت تنسى هذه المعالم ما لم توثق كتابياً أو ميدانياً ومن هذه المعالم غدير أبا الرخم في شعيب الشوكي الواقع في شمال مدينة تمير والذي خيم عليه الملك عبدالعزيز عدة مرات ومن أجل التحقق عن موقع هذا المعلم تم سؤال أهل الخبرة من أهل تمير عنه وذهبت مع الباحث حمد بن عبيد الفيصل الذي أوضح لي بعض الإشارات المهمة عندما رأى الصورة القديمة لمخيم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومطابقتها على الواقع وكذلك الصورة التي نشرتها في وراق الجزيرة من قبل عن الجمال التي تعبر الغدير وبين أن جهة العبور ليست في المنطقة الطينية داخل الغدير بل في المنطقة الصلبة المتصلة بالغدير حيث يسهل للجمال عبورها وتبين أن الغدير متصل بغدران أخرى أصغر منه.
ونظراً لأهمية هذا الغدير آمل من الجهات المعنية بالسياحة وضع لوحة حوله تبين اسمه وأهميته التاريخية.
غدير أبا الرخم
يقول الشيخ عبدالله بن خميس في معجم اليمامة ج 2 ص 63
غدير أبو الرخم هو أكبر هذه الغدر وقد خيم حوله الملك عبد العزيز أكثر من مرة ومكث أياماً طويلة يرتوي قومه منه ويصدرون عن فيض لا ينضب.
وورد في كتاب يوميات الدبدبة للأستاذ قاسم الرويس ص 149 نقلاً عن صحيفة أم القرى 1349يوم الجمعة 15 صفر الجمعة قوله:
الشوكي وادي أو شعب صغير بالقرب من الدهناء تجتمع فيه غدران للماء أيام الشتاء وأعظمها يسمى أبا الرخم وهو منزل معروف في نجد كانت فيه أيام مشهورة في حروب جلالته ومنازله الأولى وهو متوسط من منازل قبيلة سبيع وقد اختار جلالة الملك المنزل عليه لأن الله طرح المطر وأكثر الماء فيه.
وصف مخيم الملك عبدالعزيز في الشوكي
لعل أبرز من وصف المخيم الرحالة عبدالله فلبي في كتابه قلب الجزيرة العربية الذي زار المخيم حيث قال مع بعض التصرف:
بعد أن هبطنا قليلاً أوقفت سيرنا سلسلة من غدران صغيرة متصلة امتدت من الضفة إلى الضفة الأخرى بعرض عشرين أو ثلاثين قدماً كما وطول الواحدة منها يصل إلى مائة ياردة بالتمام والكمال كما يصل عمقها إلى قدم أو أكثر. توقفنا لندع المطايا وشأنها وهي تشرب ماء الغدير الذي استحقته بسيرها الحثيث فخاضت حتى الركب ثم واصلنا سيرنا صاعدين إلى أعلى المنحدر على الضفة اليسرى إلى أن وصلنا إلى قمة ذلك المنحدر وعندها رأينا المشهد الكامل لمدينة حقيقية من الخيام بطول وعرض المنخفض الذي يقع أمامنا حيث امتدت خيام المعسكر السعودي الذي شمخت في منتصفه الخيمة البيضاء الكبيرة التي عرفنا فيها على الفور أنها المقر الرئيس لابن سعود.
وقد استمرت إقامة فيلبي في الشوكي مدة خمسة أيام من 11 - 16 أبريل - نيسان 1917.
وقال جيرالد ديجوري في كتابه رحلة إلى الجزيرة العربية ص 95:
في كل ربيع يخرج الملك وبلاطه إلى الصحاري ويقيمون هناك من أجل الصيد لأسابيع عندما يعطي أمر الملك من أجل التحرك الذي طال انتظاره يحدث نشاط صاخب سعيد في القصر فيكون على كل مسؤول التخييم أن يعد حوالي مئتي خيمة فأولا توجد السرادقات البيضاء المبيرة الموصولة إلى بعضها البعض بممرات مغطاة بالخيمة ومفروشة بالسجاد والوسائد ومعلقة بقماش الساميت (قماش فاخر من الحرير) لأجل استعمال الملك الخاص ثم توجد سرادقات أصغر عديدة مبطنة بالحرير من دمشق أو بالكتان المطبوع من الهند وخيام مستديرة الجدران ذات حواف مطرزة على شكل تنورات إلى قممها المخروطية ذات التصاميم الحمراء أو الزرقاء وهناك خيام من شعر الماعز الأسود من أجل البدو والخدم.
وذكر الطبيب ستانلي ماليري كما في كتاب الكويت قبل النفط للدكتور محمد الرميحي ص 104 وصف أحد معسكرات الملك عبدالعزيز عام 1914م بقوله: كان المعسكر يتألف من صفين من الخيام البيضاء الأوروبية الصنع وفي نهاية الصفين كانت خيمة ابن سعود تقف بشكل أفقي يصل ما بين الصفين وكان لها سرادق كبيرة وقف ابن سعود عند بابه ينتظرني ووصف ما بداخل الخيمة بقوله كانت مفروشة بأثاث عربي فخم كانت أرضها مغطاة بالسجاد وكانت تتوزع على السجاد بقرب حائط الخيمة وبشكل متعامد مع الحائط سروج الجكال المغطاة بجلد الخرفان الأبيض الجميل وهذه السروج تريح المتكئ عليها كثيراً أثناء جلوسه على الأرض وكان عدد من البنادق اللامعة والممتازة معلقاً على جدران الخيمة وكان كل ما في الخيمة يتميز بالترتيب والأناقة وكانت الخيمة توحي بالأمان والثقة والقوة تماماً مثل ما أوحى لي صاحبها وهو يصافحني.
وبعد هذا ما أحببت إيراده عن مخيم الملك عبدالعزيز في غدير أبا الرخم في الشوكي والله أعلم.
** **
- مدينة تمير
محمد عبدالعزيز الفيصل/ مدينة تمير