إذا كانت كل عملية تقييم أو تقويم تبدأ من رأس الهرم إلى قاعدته بناء على المنظور الإداري، فإن درجات السلم الوظيفي ستؤدي إلى حركة تتباين بين التسارع والبطء حسب إيقاع كل مؤسسة أو هيئة أو إدارة، حيث سيبقى رأس الهرم قائمًا بعيدًا عن القاعدة العريضة.
وحين ننظر إلى أبعاد ذلك التقييم ومحاولة عكسه من قاعدة الهرم إلى قمته، فإن ذلك يستدعي عملاً مختلفاً، ونظرة إدارية مغايرة للسائد، ونحن في المملكة نشهد تطبيقات رؤية المملكة 2030 التي تحمل لنا نماذج غير معهودة من الأداء والممارسات والمبادرات والمشاريع، ولعلنا نرى بدء انتشار عوامل العناية بالموارد البشرية كأحد عناصر «برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية»، مروراً بوضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهومها، ووصولاً إلى تطوير بيئة العمل بالمملكة.
ولعلنا نتوقف هنا عند حالة عكسية يكون فيها رأس الهرم الإداري موضع تقييم ومنطلقًا لعملية تقويم لمختلف إداراته فتلك حالة فريدة ورائدة، وقد تمتاز بالخصوصية الشديدة، حيث قرر أحد أصحاب المعالي أن يكون هو نفسه مجالاً لتقييم منسوبي إدارته أو هيئته، فذلك ما اطلعت عليه مؤخراً في مراسلة لصاحب معالي يطالب منسوبي هيئته -وبكل سرية- تقديم آرائهم عبر رابط «استبيان الرضا الوظيفي»، وإبداء وجهة نظرهم وتجربتهم الوظيفية بكل شفافية.
وتوثق مراسلة معالي رئيس هيئة تقويم التعليم والتدريب الدكتور حسام عبدالوهاب زمان، تعهده «شخصياً» بأنّ كلّ ما سيُدلي به الموظف في «استبيان الرضا الوظيفي» سيكون قيْد السرّية التامة.
إن إشراك الموظف في التقييم يسهم في تعزيز ثقته بالمنشأة والجهة التي يعمل بها، وأن رأيه سيكون قيمة مضافة تسهم في التغيير وتحسين وتطوير بيئة العمل، كما أن تهميش رأي الموظف سيشكل حاجزًا لعملية التواصل الفعال.
إن قياداتنا الإدارية تقع على عاتقهم مسؤولية تجسيد مدى تقدمنا، وقدرتنا على تعزيز التشاركية والشفافية وإحداث الأثر، ومشاركة الموظف في تقييم الأداء كفيل بتغيير وجهة نظر كل من يحمل همّ التقدم والتطور في مختلف صروحنا ومؤسساتنا الحكومية والخاصة.