الجميع شاهد التحول الغريب في نهج القيادة التركية ومحاولة تعديل الأوضاع السياسية مع مصر وبعض دول الخليج، وكأنه اعتراف بخطأ سياستها الماضية التي حولت تركيا إلى دولة معزولة، وذلك من خلال نهجها السياسي العدواني، فقبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الرئاسة كان عنوان السياسة التركية (صفر مشاكل)، وبعد وصول حزب أردوغان إلى السلطة جعل من تركيا مقراً للمطلوبين الأمنيين لدول الجوار، واحتضن جماعة الإخوان وتبني فكرهم وجعلهم حلفاء له واحتضن قيادات لتنظيمات إرهابية، إضافة إلى تبني السياسة التركية نهج العدائية وعدم الاتزان السياسي؛ وهو ما أدى بها إلى صدامات واختلافات سياسية مع العديد من الدول منها سوريا واليونان ومصر وروسيا والعراق وليبيا ومع أغلب الدول الخليجية ومع الاتحاد الأوربي نفسه. وهذا شكَّل ضغطاً على حكومة أردوغان مما جعل تركيا تعيش في عزلة ومقاطعة لأغلب هذه الدول، مما أثر على الدولة التركية اقتصادياً وعلى المواطن التركي تحديداً وهو الذي دفع ثمن سياسات هذا الحزب غير السوية، مما جعل حزب أردوغان يعيش تحت ضغوط داخلية ونقمة شعبية من الدخل والخارج وبعد إعلان أردوغان نيته في إغلاق حزب الشعب الديمقراطي الكردي تعرض أردوغان إلى سخط واستهجان العديد من دول العالم ومنها الاتحاد الأوربي نفسه.
يبدو أن أردوغان بعد خسارته في الملف الليبي يحاول تدارك الأخطاء في تحول تكتيكي لسياسته أو ما يسمى سياسة التقاط الأنفاس، وإن كانت بشكل سريع ومفاجئ إضافة إلى الاتفاقية المصرية - اليونانية فيما يخص الغاز التي كانت ضمن العوامل الضاغطة على الرئاسة التركية وعلى سياساتها في شرق المتوسط، وأيضاً السياسية السعودية الجديدة التي أجادت التعامل مع أهداف السياسة التركية في المنطقة وكذلك المقاطعة الشعبية الخليجية.
كل هذه العوامل كانت من الأسباب التي جعلت حزب أردوغان يبحث عن تحسين العلاقات مع الدول العربية حتى وإن كانت على حساب نهجها السياسي. ومن هنا أقول إن على الدول العربية عدم التفاؤل بهذه العودة التركية.