نوف سليمان الفوزان
سألني أحدهم في مسلسل «توم وجيري» لماذا نتعاطف مع الفأر «جيري» بأنه ضعيف ومظلوم ونكره القط «توم» بأنه ظالم يطارده ويسبب له الرعب، ولو تأملنا حقيقة أدوارهما لوجدنا أن الفأر «جيري» يسرق الجبن من المنزل فهو متعدي وصاحب المنزل وضع القط «توم» لاصطياد الفئران المفسدة!
لقد رسخت هذه الفكرة في أذهاننا أمداً طويلاً وما زالت! فمن المسؤول عن تكوين الانطباعات هنا؟
لا يختلف اثنان بأن الإعلام ووسائله الاتصالية قادر على إقناع المتلقي بما يهدف إليه معتمداً أسلوب البروباغندا - التأثير على المتلقي وتوجيهه إلى فكرة معينة-.
وفي ظل تقدم تقنية الاتصالات والمعلومات والحضور الطاغي لوسائل التواصل الاجتماعي في الأجهزة الذكية التي أصبحت من ضروريات هذا العصر، بات تأثير وسائل الإعلام في تكوين ثقافة الجيل الحالي واضحاً من تحديد لأنماط سلوكه إلى إكسابه القيم والعادات والاتجاهات، وتبقى قضية منع المواقع أو المشاهد غير الجيدة من الأمور الخلافية، هل تصب في صالح النشء أو ضده باعتبار أن كل ممنوع مرغوب لذلك فتربية الفرد على النقد والتحليل وإعمال العقل هي الطريقة الفعالة ليكون لديه رقابة ذاتية، وهذا يستدعي تجاوز الفجوة الحاصلة بين التربويين والإعلاميين في توظيف وسائل الإعلام لخدمة الغايات التربوية وتوظيف التربية في التثقيف الإعلامي سواء في المدرسة أو الأسرة أو في المجتمع بشكل عام بحيث يكون لكل فرد القدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، بأسلوب واعي يمكنّه من انتقاء الجيد من الرديء، وذلك بتنمية مهارات الفرد لفهم وسائل الإعلام وتفسير ما تحمله من مضامين وتقديم آراء نقدية لهذه المضامين ومن هنا تأتي أهمية تأصيل مفهوم التربية الإعلامية في المؤسسات التعليمية وغير التعليمية بوضع برامج متكاملة للتربية الإعلامية ودعمها بدءاً من مرحلة الروضة حتى المرحلة الجامعية، فهي تعمل على تكوين الحكم الذاتي المستقل للفرد بشأن الرسائل المختلفة في وسائل الإعلام، كما أن التفكير النقدي في بعض المهارات يجعل الأفراد يناقشون القضايا العامة بوسائل الإعلام حتى يقوموا بردود أفعال حاسمة تجاه هذه الوسائل.
ولأن التأثيرات التي تمارسها وسائل الإعلام هي أهم ما يميز القرن الواحد والعشرين يترتب عليها ما يلزم المدرسة من مواكبة هذا التطور بإدخال العملية الإعلامية وتقنيات الاتصال ضمن النشاطات التعليمية الأساسية لبلوغ أهدافها وغاياتها التربوية في تعزيز القيم والمهارات الأساسية للطلبة وبناء شخصية مستقلة لأبناء الوطن.
وأنهي مقالي هذا بسؤال يلوح في أفق البناء الفكري الرشيد.. وهو آن الأوان لإدراج مقرر التربية الإعلامية ضمن مناهج التعليم العام حتى ننمي قيم الوعي الإعلامي الثقافي في نفوس ووجدان الطلاب والطالبات وتعميق اتجاهاته السلوكية والأخلاقية بصورة إيجابية.