رقية سليمان الهويريني
يستاء المرء مما وصل له بعض أفراد المجتمع وبالأخص الشباب من مظاهر الإسفاف في الملبس والهيئة والسلوك وحتى في اقتحام خصوصيات الآخرين سواء بتصويرهم ونشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي أو السخرية بعاهاتهم أو أسلوب حياتهم أو حتى بساطة معيشتهم!
وحين أقر مجلس الوزراء لائحة الذوق العام في وقت سابق فإن القرار جاء ليعيد للمجتمع السعودي منظومة القيم التي كادت أن تتلاشى بسبب التجاوزات السلبية لبعض الأفراد وعموم السلوك الفوضوي في اللفظ والفعل بما ينافي الذوق والأصول التي ظلت إلى وقت قريب سمة الشعب السعودي.
ولئن رأى فريق الحرية المطلقة وجماعة البذاءة أن إقرار لائحة الذوق العام وتفعيلها ما هو إلا تدخل في خصوصياتهم والحد من حريتهم؛ فإنها بالواقع كبح لجماح نفوسهم وتقييد سفاهتهم ووقف تعديهم وانتهاك خصوصيات الناس.
ولأن أي منظومة أخلاقية أو سلوكية تتطلب ضبطا ورقابة ومتابعة؛ فإن القرار السيادي يجعل منها قيمة يخضع الجميع لاحترامها، ومن يتملص سيكون تحت طائلة المساءلة والعقاب.
ولعلنا نتفق أنه لا يمكن أن تنجح أية تنمية ويتحقق التطوير دون تأصيل منظومة القيم وتحويلها لشبكة من السلوكيات التطبيقية القائمة على أسس علمية ومعيارية مثل احترام الذوق العام وحفظ كرامة الإنسان والتسامي عن النقمة والحقد، والحض على التسامح والانفتاح وقبول الآخر والسعي والعزم الجاد لتهذيب الأخلاق، مع الاستئناس بالتجارب الدولية التي استثمرت تلك المنظومة بنجاح باهر في نهضتها الاقتصادية وتحولت لمجتمع الرفاه.
إن اهتمام القيادة بسياسة معيشة الناس من خلال تهذيب الفرد وإصلاح المجتمع يعد نقلة حضارية تمارسها حكومات الدول المتقدمة في سبيل خلق التوازن والانسجام بين أفراد المجتمع ووقف حالات التنمر المجتمعي التي يمارسها البعض نحو الآخرين.