خالد بن حمد المالك
لا يزال الحديث عن الصاروخ الذي أطلق من الأراضي السورية باتجاه مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي حاراً ومثار نقاش بين وسائل الإعلام، فلأول مرة يكون المفاعل الإسرائيلي مستهدفاً بهذا الشكل، وأن يكون عرضة للتفجير، حتى وإن انفجر الصاروخ بالجو قبل أن يصل إلى هدفه، وحتى إن قالت إسرائيل بأن العملية فشلت لأن الصاروخ لم يصل إلى الموقع الإسرائيلي المستهدف بسبب خلل أدى إلى عدم تعرض الموقع النووي لما كان مخطط له.
**
وعلى غير عادة إسرائيل لم تعترض دفاعاتها الصاروخ سواء كان (أرض - أرض) أو (أرض جو) ربما لأن حدثاً كهذا كان مستبعداً، أو أنه في أسوأ الأحوال إذا ما تم فإنه سيكون تحت أعين المراقبة والجاهزية الإسرائيلية المعتادة، غير أن هذا الحدث أظهر أن الموقع الحساس غير محصن بما يكفي، بدليل أن انفجار الصاروخ تم بالقرب من المفاعل النووي الإسرائيلي دون تدخل من إسرائيل.
**
الملاحظ أن المعلومات عن هذا الهجوم تأتي من إيران، بتفاصيل دقيقة، بينما لا حديث عنه من الجانب السوري، ما يفسر أن طهران هي من كانت وراء هذا العمل، ربما انتقاماً مما قامت به إسرائيل من إلحاق ضرر كبير في المفاعل النووي الإيراني قبل أيام، بدليل أنها تتحدث عن طبيعة الصاروخ، وأنه كان بإمكان الصاروخ أن يتابع طريقه لضرب المفاعل النووي الإسرائيلي، لكن لم تكن هناك نية ولا مطلب لدى مطلقه لإحداث كارثة.
**
وما يعزر هذا الاعتقاد عن دور إيران في إطلاق هذا الصاروخ أن نائب قائد فيلق القدس قال إن إسرائيل لن تكون موجودة بعد 25 سنة من الآن، تعليقًا على استهداف مفاعل ديمونا، وما سربته الاستخبارات الإسرائيلية ودول الغرب من أن إيران تنقل موادًا لصناعة الصواريخ إلى سوريا يصل مداها إلى المدن الإسرائيلية، وأن إسرائيل سعت منذ فترة طويلة في توسيع ضرباتها لما تقول إنها موجهة لمراكز إيرانية في سوريا لإنتاج الصواريخ والأسلحة.
**
كل هذا يجعل من إيران دولة غير بريئة بل ومسؤولة عن إطلاق الصاروخ باتجاه إسرائيل، لكنها - كعادتها - لا تصرح بذلك، وتتجنب كل ما يؤدي إلى إدانتها، وبالتالي الانتقام منها، باعتمادها على الوكلاء، وعلى أراضي الغير في تنفيذ أعمالها، كما يحدث في لبنان والعراق وسوريا واليمن، ولا نعتقد أن إسرائيل سوف تتجاهل هذا الحدث، وأنه لن يكون لها رد قوي على سوريا وإيران معًا، بل ربما يتم ذلك سريعًا وقوياً ودون إبطاء.