في إحدى مجموعات الواتساب في مواقع التواصل الرقمي الاجتماعي والمُسَمى «ديوانية الأصدقاء» وفي عصريّة رمضانية نشرَ الزميل الإعلامي خازم العمري بهذا المصطلح ردّا ( ها انتبه ) ممازحاً أحد الأعضاء، هنا لفت انتباهي ذلك وكأنّ أحداً ضربني على رأسي بمطرقةٍ مرتين، أو ربما تأثير الصوم والجوع المهم كتبت على الفور دون أن أَشْعُر:
تصدّق يا خازم لفّت انتباهي وجود « الهاء» في أحاديثنا، وكأنها للتنبيه والحذر
ها / انتبه !
دلالة مفردة «الهاء» تحتاج قراءة وتمعّن، طبعاً كالعادة في أي مجموعة من المجموعات لا يتفاعل معك أحد، وكَمْ تمنيّت أن شاركني أحدهم باتفاق أو اختلاف مع ما كتبت، لكن الصمت هو حال الأغلب والأعم..
وفعلاً عزيزي القارئ، شَمّرتُ عن أناملي غبار الكسل، واستلمتُ شيخنا قوقل بحثاً وتنقيباً، فوجدتُ الكم الهائل حول «هاء التنبيه» خصوصاً إذا لحقت باسم الإشارة فتصير هكذا « هــذا « وأخوانها مثنّى وجمعا، حتى في ألفيّة بن مالك، من خلال شرح بن عقيل، بعد ذلك عدلت عن إيرادها هنا واكتفيتُ ما سأكتبه من وجهة نظري:
ها اسْتِلِمْ !
ها ارْجَعْ !
ها سَمَعّت !
ها فِهِمْت !
هنا من وجهة نظري خرجت هاء التنبيه في معناها اللغوي، وليس النحو الصرفي بالطبع.
فهذه المعاني بدخول الهاء قبلها تؤدي إلى معنى (التندّر والسخرية) بدل التنبيه مع اسم الإشارة فالذي أودّ التنبيه إليه بما أن الموضوع عن هاء التنبيه وهي: أن بعض لهجاتنا في مناطق المملكة تقترب كثيراً من لغتنا العربية وخصوصاً المنطقة الجنوبيّة تحديداً لكن تختلف في المعنى وجذرها الصرفي واحد كمثال:
قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) فمعنى أفلح هو الفوز بينما في اللهجة الجنوبية تأتي الهاء قبلها « ها افْلِحْ « بمعنى أذهب وقد ربما أجمعُ بين المعنيين بإذهب منتصراً وفائزاً !
والآن بعد هذه الجولة عزيزي القارئ في هذا الهاء التي صدّعتكم بها معتذراً لكم، ولكل مّنْ وصل في القراءة هنا ! بأن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا شعراؤنا لا يدبّجوا قصائدهم بهذه اللهجات الجميلة بشكل لافت وجميل، وكذلك كتّاب القصّة .... ؟
سطر وفاصلة
يقول الشاعر الجنوبي أحمد التيهاني مستخدماً مفردة جنوبية «بي عنك»:
بي عنك تستدني الشمالَ وليس لكْ
وتظنُّ أنَّ الحُبَّ نجْمٌ في فلكْ
فتُذيب نور الروحِ في أفلاكهِ
مُسْتشرِفا تأويلَ نجْمٍ أمْهَلكْ
وَتُريقُ من عينيكَ ماءً كالنّدى
لتَمُدَّ شرياناً إليها ... أمّلكْ
** **
- علي الزهراني (السعلي)