خالد بن عبدالكريم الجاسر
لا شك أن العودة إلى الاتفاق النووي بالصيغة الأوبامية، ورفع العقوبات عن إيران، لها الأثر السلبي في المنطقة، وفتح طرقاً للفتن الطائفية والصراعات العرقية والحروب المناطقية التي وسعت دائرتها إيران بتدخلاتها في دول المنطقة العربية السورية والعراقية واللبنانية، وانتقال تلك المهازل إلى دولة اليمن لولا الله ثُم دول التحالف العربي، كونها الراعي الرسمي للإرهاب، لتخرج عن طواعية العالم بصفقة صينية هي تمدد جغرافي وتوسع جيوسياسي لبكين المُشترى لنفطها لربع قرن، وكأنه بيع من أجل الحماية، ومن أجل إبقاء النظام الميثيولوجي على رأس السلطة في طهران، خلافاً عن تأمين موارد الإمداد والطاقة التي تحتاجها، من أجل تدشن مرحلة جديدة ومهمة من منظومتها الاقتصادية الكبرى (الحزام والطريق)، لتكون إيران هنا كالمستجير من الرمضاء بالنار!!..
لكن هناك أسئلة كثيرة تثيرها أزمة الاتفاق النووي والتفاهم على آليات إعادة تفعيله وتدوير الزوايا حول الشروط المتبادلة للعودة للالتزام بالتعهدات التي سبق أن تم الاتفاق عليها في إطار مجموعة 5 + 1، وهنا تتمسك إدارة الرئيس بايدن، بالإطار العام للشروط التي سبق أن أعلنها سلفه ترامب ضد النظام الإيراني، بشروطها الثلاث، وهي: إعادة النظر في الاتفاق النووي وتعديل بعض بنوده، ثُم إدراج ملف البرنامج الصاروخي على جدول المفاوضات، بخاصة تهديدها ليس فقط لدول الجوار الإيراني ومنطقة الشرق الأوسط، بل يشكل في المستقبل تهديداً للدول الأوروبية والمصالح الأمريكية خارج المنطقة، وثالثاً: فتح ملف النفوذ الإيراني في منطقة غرب آسيا ودعمها الإرهابي لجماعات وفصائل وقوى تشكل أذرعها في الإقليم.
لكن تعود الحوادث المجهولة في إيران إلى الواجهة، وهذه المرة في شبكة توزيع الكهرباء في منشأة تخصيب اليورانيوم الموجودة بمفاعل نطنز النووي، مما جعل من إيران ونظامها الإرهابي أمثولة ضحك، بتدمير معظم منشآت التخصيب في البلاد، إضافة إلى إتلاف أو تدمير بضعة آلاف من أجهزة الطرد المركزي، لتصفه السلطات الإيرانية بما تصفها أفعالها «إرهاباً نووياً»، لتعد الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي سبباً إلى تقويض العملية التفاوضية حول العودة للاتفاق النووي في فيينا، وقد كشفت إسرائيل أنها أرسلت بداية العقد الماضي دودة إلكترونية باسم «ستاكس نت»، وتسببت حينها بخلل خطير في عمل أجهزة الطرد المركزي في نطنز.
وفي غياب القدرة على ضرب إسرائيل المُتهمة فعلياً، قد يخترع النظام الإيراني قصصًا عن عمليات «ناجحة» في أعقاب حادثة تفجير نطرز، فهل لديها أي خيارات حقيقية لضرب إسرائيل دون تصعيد التوترات كثيرًا؟ واعتبرته السعودية ودول عُظمى أن رفع إيران تخصيب اليورانيوم لا يمكن اعتباره سلمياً، ودعتها المملكة إلى «تفادي التصعيد وعدم تعريض أمن المنطقة واستقرارها للمزيد من التوتر، والانخراط بجدية في المفاوضات الجارية حالياً، اتساقاً مع تطلعات المجتمع الدولي، وبما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ويحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل».
ومن هذه الرؤية يمكن القول إن محاولة النظام الإيراني الهروب من العقوبات الأمريكية أو الغربية عمومًا وزعزعة الاستقرار العالمي بالارتماء في أحضان الصين وروسيا لأمر جدير بالتوقف أمامه وتحليل معطياته التي قد يندم العالم عليها وأولهم الشعب الإيراني نظير نظامه الفاسد.