د.عبدالعزيز الجار الله
سقوط نظام صدام حسين في مثل هذا الشهر أبريل 2003م يعني للعراقيين والعرب والشرق الأوسط الحدث الأكبر لأن مع السقوط تغيرت الأطالس الجغرافية والسكانية والثقافية والاقتصادية، ودخل العرب في تحولات معقدة أثرت في التنمية وأعادت بعض الدول إلى عشرات السنين إلى الخلف.
ليس العرب وحدهم من تضرر من سقوط بغداد عام 2003 لأن العراق سلم فيما بعد عام 2006 إلى إيران، بل حتى الغزاة الذين جاؤوا إلى المنطقة العربية وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ذاقوا مرارة الحروب والهزيمة، انسحب (الاتحاد السوفيتي) روسيا من أفغانستان عام 1988وأكمل الانسحاب عام 1992، والشهر القادم شهر مايو 2021 تنسحب أمريكا من أفغانستان، لتعود أفغانستان لسابق عهدها وصراعاتها وتناحراتها قبل الغزو السوفيتي الروسي لها عام 1979 والذي جاء متزامنا مع قيام الثورة الإيرانية، ومع بدايات الحرب الإيرانية - العراقية عام 1980م، انسحب الغزاة وكأن شيئا لم يكن مخلفين معهم الحروب والدمار البشري والعمراني وسحق دولة مرتين الجيش الروسي والأمريكي ثم العودة إلى نقطة الصفر.
ما حدث لأفغانستان يحدث اليوم للعراق وسورية وليبيا استنساخ الحروب والاحتلال مع دخول عناصر جديدة في التوازنات العسكرية والسياسية هي: إيران وإسرائيل وتركيا، وهذا تورط كامل للدول الكبرى والدول الإقليمية في المنطقة العربية، حتى أصبحت هذه الدول مجتمعة دول تجاور بعضها البعض في الأرض العربية، روسيا الواقعة أقصى آسيا وأوروبا، وأمريكا التي يعزلها المحيط الأطلسي عن الشرق الأوسط أصبحتا تجاوران الدول العربية، وإيران التي كان يفصلها الخليج العربي عن الجزيرة العربية أصبحت في سورية والعراق تجاور الأقطار العربية وتلاصقها، إي في الجوار اللصيق مع روسيا وأمريكا، وكذلك الحال تركيا تمددت جنوبا وشرقا خلف حدودها.
الجميع تضرر من الغزو ويبحث عن حلول الانسحاب والتسوية، والجميع تضرر من تدخلاته فقاعدة الاحتلال تقول إن الشعوب هي الباقية والمحتل سيرحل، فما حدث بعد الانسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان أنه تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991م وتحول إلى (15) جمهورية.