د. صالح بكر الطيار
رمضان شهر الخيرات والطاعات نرى ونتبادل يومياً عشرات الرسائل التي تذكِّر بالعمل الصالح في وقت تكثر فيه الأذكار والدعوات والتوجيهات، ولكن يبقى هنالك طلب كبير وعميق يتعلَّق بحق الله عزَّ وجلَّ ثم حقوق الناس ومن أهم هذه الحقوق حق الأقارب وصلة الرحم التي تعد من أهم الأعمال الصالحة للمسلم وتعكس جوهر الإسلام الحقيقي، وعلينا أن نتدبر ونتفكر في قول الله عزَّ وجلَّ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.. وسؤالي هل الحسنات مقتصرة فقط على العبادات كالصلاة والصوم وحرص البعض على التصدق في رمضان، بينما هناك من يمارس الظلم على القريب وأكل مال اليتيم والتعدي على الضعفاء والقصّر في الأسرة وهل العمرة التي يحرص عليها البعض تكفِّر عن قطيعة الرحم وأكل حقوق الأقارب.. لذا فإن رمضان شهر عبرة في محطة موسمية من العام لا بد فيه من إعادة النظر في العديد من أعمالنا، وعلينا أن نجعل هذه الطاعات مستمرة طيلة أشهر العام، فالعمل المستمر وإن قلَّ خير من الكثير المنقطع..
أتعجب من دعاء يردده البعض وهو (اللَّهم ما كان لي من حقوق قصَّرت في أدائها فاغفرها لي وما كان لعبادك من حقوق عندي فتحمَّلها عني)، وأود أن أؤكد أن الأعمال الصالحة لا تكتمل وهنالك حق قد تم ابتلاعه وظلم تم الوقوع فيه ومال يتيم تم سلبه لذا فإن وقعها عظيم جداً وعواقبها وخيمة مهما زيَّن الشيطان للمتورِّطين في هذه الآثام أعمالهم.
وأود أن أركِّز على أمر مهم وهو منتشر ويتعلَّق بالإرث والذي أتمنى أن يراعي فيه الورثة في كل الأحوال والحالات معرفة مفهوم وصية المتوفى التي تترتب عليها العديد من الخلافات وقد يصل الأمر إلى عدم تنفيذها وهذا أمر يغضب الله ويعد جانباً من العقوق للمتوفى بعد رحيله وفي ذلك على الورثة أن يبادروا بتسديد ديون المتوفى وهذا أهم أمر يجب أن يقوم به الورثة بعد رحيل والدهم أو والدتهم ثم تنفيذ الوصية إن وجدت على أن تكون الثلث من الإرث بعد سداد الدين وهذا أمر شرعي وارد في النصوص وأتعجب ممن يرابط على بوابات المحاكم للمطالبة بحقوق ليست له، وفي أحد الأقوال أن الإرث ملعون إذا خالطه ظلم، فإنه يسري في المال كالنار في الهشيم.. وهنالك تبعات وتداعيات عظيمة حتى في التطفيف في الوزن فكيف إذا وصل المال إلى السلب وأكل الحق؟!
لذا فإني أرجو أن لا ينتظر المسلمون رمضان فقط لطلب العفو، فالله في كل وقت وحين يبسط يديه للتائب وطالب العفو، لذا فاتقوا الله في مال اليتيم وفي صلة الأرحام وحق القصّر والضعفاء وتذكّروا الآية العظيمة {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ}.
وصل اللَّهم على سيِّدنا وشفيعنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ما تعاقب الليل والنهار.