سهوب بغدادي
فيما شهدنا بروز مصطلح (مكتب تحقيق الرؤية) في كل وزارة في المملكة العربية السعودية بغية تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في النطاقات المعنية والمختصة لكل وزارة، ومتابعة المبادرات التحولية، ومراقبة سير خطط التنفيذ والتقييم المستمر لمستوى الأداء والجودة وفق أعلى المعايير، فضلاً عن تحقيق التكامل بين داخل الوزارات وخارجها لتوحيد الجهود وتقنينها، وإحداث الأثر المرجو منها. ومن هنا أصل إلى الأثر والعلامة الفارقة التي يسعى لها كل كيان حيوي في المملكة من خلال مبادراته الفعالة ومختلفة المجالات. فبعض تلك المبادرات تدخل في سياق الدبلوماسية العامة أو القوة الناعمة الرامية إلى خلق صورة حقة وهوية حديثة جذابة للمملكة والمواطن السعودي داخليًّا وخارجيًّا؛ لذا أرى من النافع أن يُستحدث مكتب أو إدارة مختصة بالقوة الناعمة أو الدبلوماسية العامة في كل وزارة وكيان فعال بهدف تعزيز الهوية الوطنية داخليًّا وخارجيًّا باتخاذ أكثر السبل إبداعًا، والطرق غير التقليدية وتوظيفها بحسب الاختصاص والجمهور والشرائح المعنية بها، ومن ثم التعامل مع الجهات المختصة لتعميمها أو نشرها إلى مدى أوسع. فمكتب الدبلوماسية العامة في وزارة الصحة - مثالاً - يُعنى بالناحية الصحية، ومكتب الدبلوماسية العامة في وزارة البيئة والمياه والزراعة يختص بتلك المبادرات الفعالة للرفق بالحيوان وحماية البيئة والتعريف بكل عناصرها بطرق غير مألوفة.. وهكذا.
لقد كان لوزارة الثقافة السعودية دورٌ مفصلي في عكس الهوية السعودية الطموحة محليًّا وعالميًّا خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال الفعاليات، واحتضان المحافل الثقافية والأدبية والفنية وغيرها، كذلك هيئة الترفيه. في حين تعد وزارة الصحة ودورها الفعال خلال الجائحة الصحية العالمية بتفشي فيروس كورونا أهم أذرع القوى الناعمة، بتجلي خطواتها الاستباقية لاحتواء الفيروس؛ لننعم بحياة مقاربة للطبيعية مقارنة بكثير من الدول الأخرى التي ما زالت تتخذ من الحظر الجزئي أو الكلي منهجًا لتطويق الإصابات. وفي المقابل اتخذت منحى نشر اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا لأكبر عدد من الناس؛ لتشمل أغلب شرائح المجتمع السعودي، وبأعداد تجاوزت حاجز 6 ملايين لقاح في فترة قصيرة.
فمن خلال المكاتب الناعمة تقنن الجهود، وتزخر العقول النيّرة بالأفكار الخصبة والخلاقة لتحسين المبادرات المنطلقة من كل كيان فعال في المملكة؛ ليصبح التميز للمملكة والمواطن عنوانًا بإذن الله البديع.