عمر إبراهيم الرشيد
يحدث أحياناً أن أحار في موضوع المقال وعمً عساي أتناول في هذه السانحة القصيرة، وحين صادف هذا المقال اليوم السابع من الشهر الفضيل، وابتعاداً عما يثقل على من يتكرم علي بقراءة مقالي الصغير هذا، فقد أوحى لي بأن أتناول معكم شيئا من رمزية هذا العدد في الدين الإسلامي وفي القرآن والسنة على سبيل الإشارة لا الحصر، وإلا فإن مثل هذا البحث لن يحيط به أحد. يبدأ القرآن الكريم بفاتحته وهي سبع آيات بينات، قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}. وقال عز وجل في سورة يوسف {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} الآية. فيا ترى ما الحكمة من كون البقرات والسنابل وهي رمز للسنين سبعاً ولم تكن ستاً أو ثمان؟، ولم يقدر أي من العلماء بيان الحكمة والسبب، فهذا من علم الغيب الذي اختصه الله لنفسه. وفي السنة قال صلى الله عليه وسلم (إذا ولغ كلب في آناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب)، وهنا يحضر العدد سبعة كذلك، وأما الغسل بالماء والتراب فقد اكتشف علماء الأحياء بأن في لعاب الكلب جرثومة لا يقتلها إلا التراب!. وقال عليه السلام (علموا أبناءكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).
وأما في قصة السيدة هاجر عليها السلام وهرولتها ما بين جبلي الصفا والمروة تعتلي هذا مرة وهذا مرة لعلها ترى بشراً في هذا الوادي المقفر، فتجد معه ما ينقذ وليدها الصغير إسماعيل عليه السلام، فلقد شاءت إرادة الله تعالى أن يكون عدد أشواطها سبعة، وهذا أيضاً مما يندرج في رمزية هذا العدد ودلالاته الغيبية، فسبحان مسير الأقدار. ولذلك وتخليداً لهذا الحدث العظيم أصبح السعي بين هذين الجبلين منسكاً من مناسك الحج، ولذلك فاستحضار هذه القصة العظيمة وغيرها كيوم النحر مثلاً مع أداء المناسك يزيد من شعور المسلم بعظمة ما يؤديه وجماله في نفس الوقت. هذا إضافة إلى أشواط الطواف السبعة والتي تماثل اتجاه الكواكب في دورانها حول الشمس، والبروتونات حول نواة الذرة. ثم ماذا عن السماوات السبع والأرضين السبع (والذي فسرها بعض العلماء بطبقات الكرة الأرضية السبع)، وماذا عن أيام الأسبوع وهو ما اشتق تسميته من الرقم سبعة؟ وما سر كون المعادن الرئيسية سبعة، والبحار سبعة، وألون الطيف سبعة؟ وغيرها مما يكون هذا الرقم الغامض على أفهامنا نحن البشر محتوياً له. وهذا مما يؤكد حتى لغير المسلمين عظمة وكونية الإسلام وعباداته وابعاده الجمالية كذلك، وهنا وقفة للتفكر في معاني العبادات والشعائر وهو أمر مشروع ومستحب، فالصيام معروف فوائده الجليلة والحكمة من فرضه، لكن يغيب عن كثير من الناس حكمة وسبب بعض الشعائر كما ذكرت في السعي والنحر والذي شرع كسنة احياء لذكرى فداء إسماعيل عليه السلام بكبش أنزل من الجنة. وبعضنا يؤكد على مسالة الاتباع واتيان الشعائر بغض النظر عن سبب مشروعيتها والحكمة منها، وامتثالاً لقوله تعالى عن المؤمنين {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، وهذا حق عن الامتثال لأوامر الله وطاعته في العبادات والشعائر، ولكن أيضاً معرفة الحكمة منها وسبب مشروعيتها ودلالاتها يزيد من رسوخ الإيمان في القلب ويجدد تأثيرها فيه. إشارة سريعة بعيداً عما يثقل عليكم، تقبل الله صيامكم وصالح أعمالكم وكل عام وأنتم بخير.