حمّاد بن حامد السالمي
* تفضل عدد من الأحبة المتابعين على التويتر والفيسبوك والواتس أب بالتعقيب والتعليق على مقالي المعنون: (حاجتنا إلى دبلوماسية شعبية: https://www.al-jazirah.com/2021/20210411/ar2.htm)، والمنشور هنا يوم الأحد الفارط، ومن ضمن ما ورد من تعليقات أثرت فكرة المقال؛ هذا التعليق لخبير في العمل الدبلوماسي، وممارس لهذا العمل في أكثر من ميدان، وفي أكثر من دولة أجنبية، ومثّل بلده المملكة العربية السعودية؛ في لقاءات واجتماعات وندوات دُولية عديدة. إنه الصديق المهندس: (جمال علي سعيد باميلح)، ابن الطائف البار بالطائف وبعموم وطنه المعطاء. ونظرًا لأهمية ما ورد من تفاصيل في تعليقه؛ أحببت مشاركته معكم لعموم الفائدة. يقول المهندس الدبلوماسي: (جمال علي باميلح): ها نحن ندلف في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين كدولة قبلة للمسلمين، ملفتة للنظر عبر الملحمة التنموية الباهرة للأعين الإقليمية والدُّولية. نعم أبا أكرم.. أقول وبالله التوفيق: بعد أن تشرفت بخوض غمار العمل بالسلك الدبلوماسي ضمن وفد بلادنا الكريمة طيلة ثلاثة عقود؛ منذ مفاوضات قمة الأرض الأولى (UNCED) في العام 1992م بـ (ريوديجنيرو) بالبرازيل؛ وما تلاها من مفاوضات؛ 12 معاهدة تعتبر الأبرز عالميًا، منها المعاهدة الإطارية للتغير المناخي؛ مرورًا ببروتوكول كيوتوا؛ الى اتفاقية باريس الأخيرة، لأقول بأن الدبلوماسية فن الممكن لتحقيق هدف السياسة المتفق عليها، في حين أن الاستراتيجية تُعرف بمدى الحرص على عدم الخطأ في النهج لتطبيق الهدف السياسي المراد.
* لقد أشرتم- سلمكم الله- إلى أهمية إيضاح الحقيقة بجلاء، لدرء ودحر محاولات التشويه التي تحاك ضد كيان بلادنا الكريمة، ونعلم تمام العلم مصداقية قول شاعر الوطن (خلف بن هذال) شفاه الله وعافاه، حيث قال: (من بدّ صهيون بذتنا صهاينا)، فانظر إلى حال عالمنا العربي المصنف ضمن (الدول النامية + الصين). وهو المنقسم بين قارتين: آسيا وإفريقيا، تلك الموزعة إلى أقاليم: شمال إفريقيا وشرق إفريقيا ووسطها وغربها وجنوبها أيضًا، ويسري ذلك التوزيع على القارة الآسيوية بنفس النمط، فبلادنا ضمن إقليم غرب آسيا، في حين أن لكل مجموعة إفريقية مكتبها الذي يحدد مواقفها التفاوضية من قرارات معاهدة ما. ولتأتي اجتماعاتنا في إطار الجامعة العربية بما لا تشتهي السفن..! لنجد الوهن المشاهد في وحدة الصف والقرار.
* ليرحم الله الملك فيصل كأول وزير للخارجية، الذي كرر في مواقفه يوم ذاك: (لا شرقية ولا غربية.. إسلامية إسلامية)، فكان هو رائد التضامن الإسلامي، ومؤسس رابطته، وبنك تنميته. ولعل الحديث يطول عن توفيق الله؛ بأن قيض جهود الملك فيصل في خدمة الاسلام والمسلمين في أصقاع القارات. ليجتبيه الله شهيدًا حيًا يرزق، فرحًا بما أتاه الله في جنات النعيم والرضوان.
* وأمام عجز محاولات الأعداء للنيل من الاسلام والمسلمين؛ عمدوا إلى هدم القيم والمبادئ للعقيدة، مع التسليم بممارسة المسلمين لأركانه، ففي كل عاصمة غربية تجد المساجد والجوامع الكبرى، التي يمارس فيها المسلمون شعائرهم الدينية، ونراهم يأتون من كل فج عميق للحج والعمرة للبيت العتيق،
والصيام والزكاة أيضًا، وذلك ما أمروا به كمسلمين، غير أن اجتنابهم عما نهوا عنه يعتبر بيت القصيد في استهدافه لإضعاف الوازع العقائدي لدى المسلمين، ولتحاك مقررات دولية انبثقت منذ 1996م، في أجندة اسطنبول، التي نادت بالجندر، وخاصة في فقرتيها 28 و26، التي تدعو إلى حرية النوع الجنسي، وقد تحفظ وفد بلادنا برئاسة السفير: (مأمون كردي) رحمه الله؛ ووفد الإمارات العربية المتحدة، التي كانت ترأس الدورة العربية.
* ومع ازدياد التركيز من قبل الدول المتقدمة ومن شايعها من الدول النامية المدعومة ماليًا، تمكنت هيئة الأمم المتحدة من إقرار حق المثليين في 26 يوليو 2015م، وقتها كنت حاضرًا ضمن الوفد لإقرار أهداف التنمية المستدامة الـ (17 CSD›S 2030)، وتلك الأهداف شاركت في 14 دورة تحضيرية لصياغتها ومناقشتها، ووضع آلية المؤشرات لقياسها. وهي التي بنيت عليها رؤية المملكة 2030 الطموحة، والمؤكدة لدور المملكة التنموي المستدام بكافة عناصره، اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا، مع تأكيدها على التمسك بالهدف الأسمى لخدمة الاسلام والمسلمين بعون الله ورعايته.
* وبالجملة؛ فإن دبلوماسية المواجهة من قبل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة؛ تأخذ أوجهًا متعددة المناحي في مسار العولمة، التي تعصف بعناصر التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، كمتطلب للحفاظ على كوكب الأرض، لتعيش الأجيال القادمة في أمن ورخاء وسلام.
* وما أوردته على نظركم أستاذي أبوأكرم ما هو إلا موجز لإيضاح ما يراد ويدار من الدول المتقدمة، تجاه الدول النامية، وتلك التي تحت مستوى النمو، أو التي تمر بمرحلة انتقالية، إذ إن الدول المتقدمة توجس في نفسها خيفة من مطالبات الدول النامية؛ بمشاركتها في الفوائد من استخدام مواردها الطبيعية، التي تدير مصانع الدول المتقدمة. فالكاكاو والسكر والقهوة ليست نابتة في الدول المتقدمة، بل مورد السكر العالمي من البرازيل، وجزيرة موريشس، والكاكاو من غانا وبعض دول آسيا، والقهوة من دول إفريقية كإثيوبيا وأوغندا وكينيا، والتوابل من قارة الهند وما جاورها. واليوم.. كوريا والصين تزفان إلينا سياراتهما، لتغرق الأسواق بمنتجاتهما التي لن تستغني عن منتجات نفطنا الأساسية، التي تدخل في صناعاتها، عوضًا عن كونه مصدرًا للطاقة، التي نعتتها الدول المتقدمة بـ(اللامتجددة).. وعلى العالم استخدام مصادر طاقة بديلة متجددة، تقلل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، فعلى الباغي تدور الدوائر..!! النفط عنصر أساسي لمواد الأسمدة والصناعات الأخرى. (ما نقول غير: حيلهم بينهم)..! دام عز بلادنا. حفظها الله، وأيد قيادتها الحكيمة والكريمة.