حكم الفوانيس الرمضانية وتعليق الشرائط ونحوها ابتهاجاً برمضان
(الخلاصة: لا بأس بها ما لم يعتقد أن ذلك عبادة يُتقرَّب بها إلى الله تعالى)
يتضح ذلك في النقاط الآتية:
1 إذا ترتب على ذلك إسراف في المال وتبذير كان حرامًا. ولم يحدد ضابط الإسراف في الشرع، والقاعدة: ما لم يحدد في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العرف.
قال تعالى {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
2 - إن الفرح ببلوغ رمضان مشروع، وفي الحديث (رغم أنف امريء أدركه رمضان ولم يُغفر له). ورُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبشّر أصحابه برمضان.
وقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.
فالفرح بما يتعلق بالآخرة وما يوصل إليها، وما يكون سبباً في نيلها، والتعرض لنفحات الرحمة والمغفرة في شهر رمضان، خير من الفرح بحطام الدنيا الزائل.
والقاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد.
3 - الأفضل: أن لا يفعل الإنسان ذلك، وإنما يستقبل رمضان بالتوبة والاستغفار اللذين هما سبب توفيق المسلم للطاعة، ويجتهد في العبادة بالقيام مع الإمام، والصيام، ونحو ذلك مما كان عليه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
4 - من يتعبد لله تعالى بهذه الفوانيس والشرائط ونحوها فهذا من البدع (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).
والقاعدة: الأصل في العبادات التوقيف.
5 - فإن قيل: إذا كان يعتقد أن فعل هذه الطقوس عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى فلا شك في بدعية هذا العمل، ولكن إذا لم يعتقد التعبد بها يشكل عليه. قاعدة: إن التخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص. وقد سبقت في القواعد، وقد قررها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم.
والجواب: إن المراد بالقاعدة: من يتعبد لله تعالى أو يجعل عبادة في وقت محدد -ليست داخلة في عموم النص العام في المشروعية- في وقت محدد فإنه يدل على أنه يعتقد فضيلة تلك العبادة في ذلك الوقت حتى وإن ادعى عدم اعتقاده أن له فضيلة في ذلك الوقت؛ لأن تخصيصه ذلك الوقت بتلك العبادة دون بقية الأوقات، وليس ذلك أحد أفراد العام المشروع فيه تلك العبادة، يدل على اعتقاد فضيلة خاصة لذلك الوقت عنده.
وأما ها هنا فهي عادة، والقاعدة: العادة محكمة، ما لم يوجد الدليل أو القرينة على التعبد بها فيقع في المحظور. والله تعالى أعلم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة