يعد سوق القيصرية بالأحساء من أبرز المواقع التراثية في الأحساء وأحد المواقع الـ12 التي سجلت بها واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي باليونسكو.
يقع سوق القيصرية الذي يعد حالياً أكبر سوق تراثي بالمملكة في حي الكوت، ويعتقد أنه بني في عام 1862م، ويحتوي على 422 محلاً.
وقد تم اختيار هذا السوق لما يمثله من معلم تراثي مهم ورئيس في المحافظة، ولما يمثله من رمز لتمسك الأحسائيين بتراثهم وإعادة إحيائه.
ولسوق القيصرية قصة تجسد عودة الاهتمام بحماية المواقع التراثية وتأهيلها بعدما كانت مهددة بالاندثار، أو الهدم والتغيير.
حيث شهد السوق حريقاً مفاجئاً في شهر شعبان عام 1422هـ، فتم التوجه إلى إنشاء (مول) بطراز حديث مكانه.
ونظراً للأهمية التاريخية والتراثية للسوق وما يتميز به من نمط معماري تراثي، فقد بادر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة (آنذاك) بالتدخل لإيقاف إنشاء المول وإعادة بناء سوق القيصرية بنفس نمطه التراثي.
حيث قام سموه بالتواصل مع سمو المنطقة الشرقية وقتها الأمير محمد بن فهد وسمو محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي، ورئيس البلدية المهندس فهد الجبير لمنع إقامة مول مكان السوق التراثي والعمل على إعادة بنائه بالطراز السابق، وأكد سموه أن وقفة الملك فهد رحمه الله والأمير محمد بن فهد كان لها الدور الكبير في عودة القيصرية، مشيداً بتعاون ودعم سمو محافظ الأحساء ورئيس البلدية الذين تجاوبوا مع سموه وعملوا بالشراكة مع الهيئة لإعادة إعمار السوق بطرازه التراثي القديم.
وسعت الهيئة إلى تشكيل لجنة ضمت عدداً من المختصين من جامعة الملك فيصل ومن بلدية المحافظة ومن الهيئة لدراسة الحلول والبدائل المقترحة لتطوير وإعادة تأهيل سوق القيصرية.
وتم دعوة سمو محافظ الأحساء ورئيس بلدية المحافظة ورئيس الغرفة التجارية بالأحساء وعدد من المختصين من جامعة الملك فيصل لمناقشة بدائل تطوير السوق، وتم اختيار البديل التاريخي الذي يركز على إعادة إعمار السوق كما كان عليه سابقاً.
وحرصت الهيئة والبلدية على ربط القيصرية مع العناصر التاريخية والثقافية والعمرانية في وسط مدينة الهفوف، بحيث تعكس في مجملها مركز مدينة الهفوف التاريخي.
ونتيجة لذلك تم إعادة البناء باستخدام مواد البناء المحلية، حيث روعي في بناء السوق كافة إجراءات الأمن والسلامة لمنع اندلاع حرائق مشابهة لما حدث في السابق.
وكان لرئيس بلدية محافظة الأحساء المهندس فهد الجبير دور كبير في تنفيذ المشروع بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب وزير الشئون البلدية والقروية آنذاك.
وقد أصبح السوق أحد المعالم التراثية الرئيسة في المحافظة والمنطقة ومن الركائز المهمة لتسجيل الأحساء في قائمة التراث العالمي.
ويؤكد المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب مدير فرع جمعية علوم العمران بالأحساء وأحد المهتمين بالتراث في كتابه «سوق القيصرية» إلى أن سوق القيصرية موجود من حوالي ستة قرون مع تاريخ وجود الاستيطان حوله، ومن ثم إنشاء مدينة الهفوف، إلا أنه من المؤكد أن هذا السوق قائم في القرن التاسع عشر لذكر الرحالة له في مذكراتهم ولوجود وثائق تدل على ذلك.
ويلفت المهندس عبدالله الشايب إلى أن مركزية مدينة الهفوف من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كان إحدى ثمار ذلك سوق القيصرية الذي يعد أكبر سوق في الخليج في حينه، وظلت القيصرية مركزاً تجارياً على الرغم من النمو العمراني لمدينة الهفوف ووجود أسواق حديثة.