د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لم يجئ التواصلُ عن بعد إفرازًا «كوفيديًا» مؤطرًا بحجرٍ وحظر، بل هو نتاجُ مرحلة « الما قبل» وسيظل في « الما بعد»، وقد تُجلّيه صورُ كفاحِ جيلٍ سبق، وعقوق جيلٍ لحق، وعلائقِ الإعلاميين مع بعضهم فيما يتجاوزُ الإيماءات والمجاملات.
** ومن تجربةٍ شخصيةٍ، وبالرغم من مرور ثلاثة عقودٍ على انشغالاته الصحفيّة والإذاعيّة فلم يلتق بمعظم أربابها، والتقصير منه دون شك، لاكتفائه بعلاقاته العتيقة وأصدقائه القدامى، وسيقول أكثر من هذا؛ فلم يغشَ المؤسساتِ الصحفيةَ خارج «الجزيرة» عدا مرتين لاهثتين لم تتجاوزا خمس دقائق، ولم يزر يومًا مسؤولي تحرير أو إعلامٍ في مكاتبهم أو منازلهم.
** قصَر لقاءاتِه العامةَ على بعض الرموز العلمية والمجتمعية ذوي الجلسات المفتوحة، وقابل عددًا ممن أجرى معهم حواراتٍ لصفحتيه: «قراءة في مكتبة»، و» واجهة ومواجهة»، وفي هذا الإمضاء سيعتذر عن تأخر معرفة كثيرين، ومنهم الشاعرُ والصحفيُّ الأستاذ عبدالله الصيخان؛ فقد وجد فيه ومنه تعاملًا مهذبًا وحسنَ حديث وذاكرةَ مرحلة، وفاجأه أنْ وعى مشتركًا وفائيًا بينهما يفوق معايير الزمالة، وثَمَّة حكاية.
** خلال إقامتنا في مدينة حائل ارتبط الوالد رحمه الله 1352-1441هـ بعلاقاتٍ مضيئةٍ لم ينقطع معظمُها بالرغم من مرور أكثرَ من خمسة عقودٍ عليها، وممن ظلُّوا في ذاكرة القلب متواصلًا وواصلًا العم عبدالرحمن العلي الصَّيخان رحمه الله؛ فقد جمعت أسرتينا الجِيرةُ في عاصمة الجبل، والانتماءُ إلى المدينة الأصل، وهما عاملان أسهما في فاتحة التعارف ووثَّقا متنَها وفواصلَها، ويستعيد من آخرها أن قام الوالد، وصاحبُكم برفقته، بعيادة العم عبدالرحمن – رحمهما الله - حين نُوِّم في مستشفى الملك سعود بعنيزة.
** تلك علاقةُ قربٍ اعتزت كما تعززت بلقاء «أبي حمد»، واكتشاف أن صديقَ والده الأثيرَ هو عمُّه المباشر، ولو عرف صاحبُكم قبلًا لسعى إلى أبي حمد ولم ينتظر ظرفًا زمانيًا أو مكانيًا يجمعه به؛ فقيمةُ الصداقات تعلو على الرسميّات والمناسبات، وبخاصةٍ ما كان لوالده شأنٌ به.
** الأستاذ عبدالله الصيخان شاعرٌ بارزٌ في حقبةٍ متقدمةٍ وثّقها التأريخُ الأدبيّ السعودي، ويذكر المحتفون به نصَّيه الذائعين: «هواجس في طقس الوطن»، و»فضَة تتعلم الرسم»، وفيها دواوينُه الثلاثة، وإسهاماته الصحفية في «اليمامة» التي لم تغادرْ نبضَه فعاد إليها بالرغم من انفضاض السُّمَّار.
** حفظ صاحبُكم، أو كاد يحفظ، «هواجسَه» الشجية بمطلعها المعبّر:
قد جئتُ معتذرًا ما في فمي خبرُ
رجلاي أتعبها الترحالُ والسفرُ
ولم يدرِ أنه مدينٌ له باعتذارات؛ حيث لم يبادرْ بالمشي إليه، ولم يتساءل عن وشائجه مع صاحب أبيه، ولم يبرِّرْ له تصحيفًا طال نصًا له.
** أبو حمد الإنسان فوق ما كُتب ويُكتب عن أبي حمد الشاعر والمحرر ورئيس التحرير، واليمامة اليوم – بإشرافه - مظلة وفاءٍ وانتماء، ولعله يفرد صفحتين منها كلَّ أسبوع لتدوين ذكرياته تهيئةً لنشر مذكراته.
** المشاعرُ ديوان.