عطية محمد عطية عقيلان
نعيش حياتنا وسط زخم من العلاقات على مستوى العائلة والزملاء والأصدقاء، ونسعى لتوفير حياة مثالية متكاملة لأبنائنا في حياتهم وتعليمهم وتلبية رغباتهم، نعمل بجهد مضاعف ونحرم أنفسنا في «أغلب الأحيان» من حاجاتنا الشخصية الأساسية؛ من أجل إسعادهم وتوفير الرفاهية لهم دون قصور، ونمارس الكثير من المجاملات في اللقاءات وتمضية الأوقات مع الأصحاب والزملاء لعدم الرغبة في خسارتهم.
تمضي بنا الأيام وأعمارنا في تناقُص وصحتنا توهن ونكتشف أن حياتنا كانت مليئة بالعمل والعلاقات المتشعبة، ولم نقم بتوفير لحظات تخصنا لإسعادها أو الالتفات والاهتمام بها بهدوء وسكينة، وبالحد الأدنى من الأمنيات والطلبات الشخصية . لذا نحتاج في حياتنا للصرامة في عملنا وعلاقاتنا وأن نضع قواعد لا نتجاوزها، ولا نهمل فيها أنفسنا حد المبالاة ولا ننساها حد الإهمال، نضع هذه المعايير بقاعدة « لا ضرر ولا ضرر «، ومبدأ الهدي النبوي « إن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، فاعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه».
لنجتهد لوضع قواعدنا الخاصة التي نبني عليها حياتنا وطريقة إنصاف أنفسنا ومن حولنا منها:
1 - اهتم بنفسك من خلال البدء بهندامك وتهذيب شكلك وتدليلها، ومارس رياضة وهواية تحبها وتعود عليها، مع التدرب على الاختلاء بنفسك والاستمتاع بها، وكن اجتماعياً دون تفريط بالإكثار من الشلل والتجمعات حتى لا تصاب بالوحدة عند انقطاعهم وحتى لا تنسى الخلوة بنفسك.
2 - سينعكس اهتمامك بنفسك على عائلتك وزوجتك بتلبية رغباتهم وتدليلهم وتوفير الحياة الكريمة لهم، فسعادتهم ومن حولك بسببك تضيف معنى إيجابياً للحياة، فتحقيق أحلامهم يعود عليك بالرضى والفخر، فاحرص على أن تهتم بهم وتلبي حاجاتهم حسب ظروفك دون إفناء ونسيان نفسك ووقتك من أجل ذلك.
3 - والقاعدة المهمة والتي تخذلنا في كثير من الأحيان وتستنزف أوقاتنا وجزءاً من حياتنا هم شلة الزملاء والأصدقاء وتجمعاتهم، فإذا لم ندرك مبكراً بأن نحظى بعلاقات وتجمعات « سكر خفيف» وبشكل دوري سواء أسبوعي أو شهري، سنتورط في علاقات يومية وتجمعات وسهر ستخسر معها صحتك نتيجة العادات السيئة للتجمعات، وستضعف العلاقة ومن ثم تنقطع نتيجة المشاحنات اليومية سواء على لعبة ورق أو فريق كرة أو على أقل تقدير كثرة العتاب والنقد والملل، لذا نحتاج إلى وعي وتفهُّم وعقلانية في توازن هذه العلاقات لتكون محفزاً على الاستمتاع « بالسواليف» والآراء المختلفة والصحبة الطيبة التي تنسيك هموم عملك وحياتك وتضفي أملاً وتفاؤلاً وقوة عليها.
فلنحرص على أن نحقق التوازن بين حب الذات والأنانية والإهمال، ولا ننسى الاستمتاع مع أنفسنا وتدليلها قدر المستطاع، وأن نحيط أنفسنا بمن يدفعنا للنجاح والتفاؤل والتطور، وتأكد أنه مهما كانت ثقتك بنفسك فإن الاستغناء عنك من أسهل ما يكون، وهناك مقولة خالدة للرئيس الفرنسي شارل ديغول «القبور مليئة برجال ظنوا أنهم لا يمكن الاستغناء عنهم «، لذا طبِّق ذلك على نفسك ومتعها بما يفيدك صحياً وأخلاقياً واجتماعياً بعيداً عن الزهو والغرور بأنك فريد زمانك ووحيد عصرك ولن يكون مثلك أحد؛ لأن الحياة لا تقف على أحد حتى من أقرب الناس وأحبهم لك.