سليم السوطاني
عندما أتأمل وأتفكر في صيرورة الحياة، وكيفية مجراها، بكامل الوعي والتدبر، ألحظ أن كل النَّاس ماضون فيها بسرعة، وكل ما يفعله كل جيل وحقبة هو التمهيد لحياة الجيل الآخر الذي سوف يأتي من بعده. يعملون في الحياة بكد لإعداد الحياة للقادمين.
يتضح ذلك من خلال ما يمر بنا ونشهده من تطور في العصر الحاضر، وكيف تدرّج هذا التطور إلى الزمان والمكان والإنسان على مدار التاريخ، حتى عصرنا الحاضر، ولن يتوقف هذا النماء وهذه الديمومة في التطور والتغيير، وسيشهد مزيداً من التقدم والازدهار لما بعدنا.
كل ما يدب على هذه الأرض من أناس هم امتداد لحياة تجري دون توقف، وتتغير، وتتجدد مع مرور الأجيال والسنوات.
نعيش حياة مليئة بالصخب والمشكلات والأحلام والأمنيات، ومع هذا يظل الإنسان يعمر هذه الحياة، فالناس يغيرون شكلها، ويركضون بكل شغف إلى حياة مليئة بالدهشة والتطور، والعقول لا تتوقف عند حد، وتظل مشغوفة بالابتكار وخدمة كل من يسير فوق هذه الأرض.
مهما كانت العوائق والصعوبات التي تصدم الإنسان وتحاول أن تعطل مسيرة التقدم وتؤثر في هذه الطبيعة ونهج الاستمرار، وتحاول أن تعود بها إلى الوراء، كالحروب والكوارث وما يشبهها، تظل همة الإنسان عالية جداً، ولا تصمد الأحداث وأضرارها مهما طالت أمام عزيمة قوة العيش وإحداث التغيير في الكون.
تعود الحياة سريعاً إلى الانطلاق وبشكل أقوى من قبل، لا أحد يستطيع أن يوقف عجلتها؛ لأن الفرد سخّره الله - سبحانه وتعالى - من أجل إعمارها، وأعطاه العقل والقدرة على التفكير والاختراع لما يخدم البشرية جمعاء.
كل شيء في تغير دائم إلى الأفضل، على امتداد التاريخ: التقنية، العلم، طبيعة حياة الناس، سبل العيش...
حتى المكان، مع مرور السنوات، يتمدد بشكل لافت.
نحن في هذا العصر لا نعلم عن حياة الجيل الذي سوف يأتي بعدنا بمئات السنين، ولا نستطيع أن نتخيل كيف ستكون حياتهم؟ لكننا مع هذا الغموض حيال القادم نستشعر من خلال النظرة إلى الماضي أن ما سوف يحدث بعد مئات السنين حتماً سيكون مبهراً ولا يمكن أن يصدقه العقل في وقتنا الحاضر. وربما سيكون أشبه بالمعجزة.
هذه المقالة محاولة بسيطة لمن أراد فهم الحياة ونسقها الذي لا يتوقف والتغييرات التي تحدث.
فالأجيال تتعاقب، وكل جيل يخدم الجيل الذي بعده ويمهد له حياة أفضل ومكاناً أجمل، وهذه الديمومة مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.