نجلاء العتيبي
في وسط زحام لم يكن مريحًا لي إطلاقًا، حيث كانت عربات التسوّق تمتلئ بشيء نستخدمه وشيء لا نعرفه حتى تجاوزت حد أنوفنا ولا نستطيع رؤية بعضنا!
منظر يتكرر كل عام..
أصابني ضيق تنفس.. هذا ونحن ملتزمون بالعدد المسموح المحدد لوجود الأفراد بالمكان..
بخطوات متثاقلة وأنفاس لاهثة ركضت نحو باب الخروج..
ويتردد أمامي الرقم المخيف..حسب خريطة برنامج الأغذية العالمي سيصل عدد الجوعى في العالم إلى 840 مليون شخص بحلول عام 2030 ونحن في نعمة نطلب من الله سبحانه أن يديمها أربعة ملايين وستة وستون ألفاً (4.066.000) طن كمية الهدر الغذائي سنوياً في السعودية ناهيك عن الإسراف في جوانب الحياة الأخرى نمط المعيشة الجديد المبالغ في تفاصيله الاستهلاكية الراكض وراء كل دعاية وإعلان..
نهم شرائي عجيب..
صراع بين الاحتياجات والرغبات.. وماذا يقول عني الناس؟!
تنافس على سلع تنتهي صلاحيتها ولا تدوم!
لو تبصَّرنا واستبصرنا سوف ندرك أبعاد هذا الموضوع..
نفهم أن كل هذا لا يستحق العناء..
نتوهم أننا نمتلك السعادة باقتناء ما لا نحتاج إليه.. هذه الحياة لا تشبهنا لا تتركنا لماذا نتعمد تعقيد كل شيء.. نركض خلف ما يفسد جودة حياتنا..
ولستُ أزعم هنا أني مثالية لكن أقف مع نفسي أحاول أن أتوقف وأفيق
نعلم أنه ليس بالأمر السهل أن يتخذ المرء قرارًا حاسمًا يوافق فكره في مجتمع يهتم البعض من أفراده بشكليات زائلة ومنهكة لنا..
شعور يزعجني جدًا! يؤذي طبيعة البشر الفطرية يفسد فرحنا بالأشياء البسيطة وأحسبه أيضا ًفي دواخل كثير منكم.. ألا تشعروا مثلي بحنين إلى بساطة أيامنا السابقة؟
سئمنا تعليب وتغليف أيامنا..
كم هي جميلة مظاهر الفرح القديمة..
تُرى ماذا تبادر إلى الأذهان وماذا تذكّرنا.. الآن وأنا أكتب نصي وأنتم تقرأونه من منكم ابتسم ومن منكم أطلق تنهيدة من أعماق القلب ساخنة وتمنى الاجتماع حول مائدة بسيطة مليئة بالحُب والرضا؟
نريد فرح الأمس لانتظار الغد..
أن نمزِّق هذا الإطار..
نحتاج إلى استرداد بريق وشغف فقدناه..
هل نسمح لهذا النمط بأن يأسرنا.. توجيهنا إلى وجهة نبتعد فيها عن أرواحنا؟
هذا الوقت يتطلب منا جدية متناهية في التفكير في كل نواحي حياتنا.. نعيد ترتيب ما بعثرته المظاهر.
«ضوء»
قل لمن فاخر بالدنيا وحامى
قتلت قبلك ساما ثم حاما
ندفن الخل وما في دفننا
بعده شك ولكن نتعامى
إن قدامك يوماً لو به
هددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهو وقم
وانف عن عين تماديك المناما
صاح صح بالقبر يخبرك بما
قد حوى واقرأ على القوم السلاما
-ابن الجوزي-