د.شريف بن محمد الأتربي
أوشك العام الدراسي على الانتهاء؛ واستطاعت منصة مدرستي بفضل الله تعالى ثم بفضل القائمين عليها في سد الفجوة التعليمية الناجمة عن تعليق الدراسة نتيجة التأثر بفيروس كوفيد-19، وخلال هذه الفترة كانت الخدمات التعليمية المقدمة لجميع فئات الطلاب في التعليم تضارع وتكاد تفوق مثيلتها في دول أخرى. والآن وبعد الاختبارات هل ستنسحب منصة مدرستي من حياة طلابها بعد أكثر من عام ونيف كانت رفيق دربهم ومصباحهم المنير في تقدمهم العلمي والمعرفي؟
لقد ألف طلابنا؛ بل وأولياء أمورهم منصة مدرستي حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية طيلة العام الدراسي الحالي والنصف الثاني من العام الدراسي الفائت، نظموا حياتهم اليومية بناء عليها واستخدموا أدواتها برفقة أبنائهم حتى صاروا خبراء بها، ألفوها وألفتهم، استحسنوها واستحسنتهم، استفادوا منها وأفادتهم، وكانت لتعليم أبنائهم قائدتهم ومرشدتهم، ودليل ذلك نتائجها ونتائجهم التي فاقت كل التوقعات وبتعاونهم معها تجاوزت كل العقبات.
وما يشغلني ويشغل بعض المختصين في التعليم وخاصة المهتمين بقضايا التعليم عن بعد؛ ماذا سنقدم لأبنائنا عبر منصة مدرستي خلال الفترة القادمة؟ خاصة وأننا -ونتيجة لظروف فرضت علينا- لا نستطيع تلبية رغباتهم في السفر والسياحة خارج المملكة.
وإجابة هذا السؤال تحتاج إلى تكاتف كل الجهود ما بين وزارات عدة مثل وزارة الترفيه ووزارة السياحة ووزارة الرياضة ووزارة البيئة ووزارة العمل والتعليم العالي، وغيرها من الوزارات إلى جانب المسؤولين عن رؤية 2030، بحيث تقدم كل وزارة برنامجًا صيفيًا لهؤلاء الأبناء.
وعلى سبيل المثال، فوزارة الترفيه يمكنها الاستفادة من المنصة بتقديم عروض حية من الخارج أو الداخل لفعالياتها خلال هذه الفترة، كما يمكنها استحداث عدد من المسابقات التي تبث عبر المنصة ويشارك فيها الآباء والأبناء.
أما وزارة السياحة؛ فيمكنها الاستفادة من المنصة من خلال برامج عدة، لعل من أهمها من وجهة نظري عرض تاريخ وأهمية مناطق المملكة ومواقعها الأثرية، فضلاً عن طرح مسابقة يشارك فيها الطلاب والمعلمون والآباء للتعريف بالمملكة وأهم منجزاتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله، ويمكن أن تكون على شكل مقال، أو مقطع فيديو سواء باللغة العربية أو أية لغة أجنبية.
ويمكن لوزارة الرياضة أن تشارك في تفعيل المنصة من خلال استحداث مجموعة من المسابقات التقنية مثل مباريات البلاي ستيشن بين مناطق المملكة بحيث تقوم كل منطقة أو مدرسة بترشيح فريق لها يشارك في المسابقة، ويمكن أن نستحدث هذا الدوري كنسخة إلكترونية من دوري الأمير محمد بن سلمان. هذا إلى جانب مسابقات أخرى كدوري الشطرنج مثلاً.
ولوزارة البيئة والعمل أيضًا دور بارز في تفعيل المنصة من خلال عرض برامجها ومشاركة الأبناء مشكلاتها ومحاولة إيجاد حلول خارج الصندوق لهذه المشكلات. أما التعليم العالي فهذه فرصة مناسبة لها لتعريف الأبناء وأولياء أمورهم بالتغيرات التي طرأت على سوق العمل، وأن الكليات التي كانت يطلق عليها كليات القمة أصبحت تعاني من تخمة في الخريجين، وأن سوق العمل أصبح يتجه نحو تخصصات أخرى ربما تميل إلى التقنية أكثر.
أما الدور المهم فهو للمسؤولين عن رؤية 2030؛ تلك الرؤية التي تعول عليها المملكة العربية السعودية في التحول الصحيح في كل الوزارات نحو مجتمع مستنير منتج فاعل، وللوصول لهذه النتائج يجب مشاركة أبنائنا في برامج الرؤية وطرح هذه البرامج عليهم واستشراف وجهة نظرهم نحوها، وطرح المشكلات التي تعرقل تحقيق البرامج لأهدافها المرجوة، بل واستقبال مقترحات جديدة منهم أيضاً. وغيرها من المساهمات التي يمكن أن يشاركوا فيها.
إن منصة مدرستي؛ هذا الصرح الإلكتروني العملاق لا يجب أن يوقف أبدًا؛ بل ينبغي أن يستثمر هذا النجاح والجهد الكبير الذي حققته لخدمة الأبناء والوطن وتفعيل مشاركتهم في قضاياه فهو أبناء اليوم وقادة الغد.