د. محمد عبدالله الخازم
لماذا نحتاج إلى نظام للتعليم العالي أو الجامعي وأحدث نظام صدر عام 2019م؟ هذا السؤال يأتي امتداداً لتساؤل قارئ أو ملاحظته حول وصفي في مقال سابق للنظام الحالي بأنه نسخة (بيتا) بحاجة إلى تطوير. لماذا نحتاج إلى نظام جديد؟
1- النظام الحالي لم يأخذ في الحسبان التغييرات التي حصلت على مستوى مرجعية الجامعات وتنظيمها في العامين المنصرمين، وأبرزها استقلالية جامعتين عن منظومة وزارة التعليم ومجلس التعليم الجامعي، ألا وهما جامعة الملك فهد للبترول وجامعة الملك سعود (متوقع)، وقبلهما هناك كاوست وكلية الأمير محمد بن سلمان لريادة الأعمال. لا نناقش التغييرات أو المرجعية هنا، لكن فكرة عدم استيعاب النظام الجديد لها، وبالتالي فهو لم يعد نظاماً وطنياً للتعليم الجامعي.
2- النظام لم يشمل مكونات التعليم العالي الأهلي والتعليم التقني والتعليم الأجنبي الجامعي. وبالتالي فهو محدود ببعض الجامعات الحكومية، فقط.
3- إعداد النظام الحالي استغرق وقتاً طويلاً وصدر في النهاية بشكل مستعجل وكأننا مللنا النقاش وكان لا بد من إعلانه.
4- النظام صدر وكأنه لم يصدر، حيث استمر العمل بنفس آلية عمل وزارة التعليم العالي السابقة المسيطرة على الجامعات، مع تغييرات شكلية في بعض المسميات. أمر طبيعي، لأنه أعد من منظور جهة تنفيذية - وزارة التعليم- وقيادات عاشت ونمت في ظل النظام التعليمي القديم، ويصعب عليها التفكير خارج الصندوق التقليدي الذي أدار جامعاتنا على مدى 45 عاماً. لذا بحث القادرون على الهروب عن مخرج يبعدهم عن مظلة النظام ووزارة التعليم حارسة النظام البيروقراطي!
5- حدثت متغيِّرات اقتصادية وإستراتيجية عديدة لم تُؤخذ في الحسبان ومنها ما أحدثه وباء كورونا من تغيّرات في آليات التعليم والإدارة والأوليات وكذلك التغيّرات الاقتصادية الأخرى مثل الضرائب والاستثمار الأجنبي والتخصيص وغير ذلك.
6- تطبيق النظام يترنّح بدليل أننا نقترب من عامين ولم نكمل حتى تعيين مجالس أمناء ثلاث جامعات، ونطبِّق اللوائح القديمة مع تغيير الشعار من مجلس التعليم العالي إلى مجلس شؤون الجامعات.
7- رغم ضم وزارتي التعليم والتعليم العالي في وزارة واحدة فليس هناك بوادر لإصدار نظام جديد للتعليم يتسق مع رؤية واضحة لمبررات هذا الضم - إن كانت هناك رؤية واضحة- وكان الأولى إصدار إما نظام شامل للتعليم أو نظامين متكاملين للتعليم العام والتعليم العالي ليكون ضم الوزارتين محققاً لإستراتيجية تعليمية شاملة.
8- رغم وعد النظام باستقلالية الجامعات، إلا أن الواقع المعيش هو مزيد من التدخلات من وزارة التعليم في قرارات الجامعات.
9- الإستراتيجيات تطبّق من خلال النظام أو تتجانس وتتكامل معه ولكن وزارة التعليم تحلِّق بإستراتيجيات نظرية لا علاقة بها بالنظام، مثال «الجامعات الريادية». لا يوجد توافق بين النظام وما يعلن من إستراتيجيات، فهل المشكلة في النظام أم الإستراتيجية أم في كليهما؟
إذاً، نظام التعليم الجامعي الصادر عام 2019م لا أراه يسير طويلاً نحو التطبيق، وأقترح التفكير في إصدار نظام أفضل وأشمل، يقف على مسافة متساوية من جميع الجامعات السعودية ويشمل جميع مكونات التعليم العالي...