رجاء العتيبي
استجمعت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قواها، ورتبت مواردها البشرية والفنية، وأطلقت دورتين تلفزيونيتين ناجحتين، أعادتا الثقة لشاشتنا الموقرة، التي نكن لها كل تقدير واحترام، وأبدت إنتاجًا متنوعًا وفرصًا متاحة أكبر، وأعمالاً مبدعة بأيدٍ سعودية، فكل المؤشرات تدعو للتفاؤل، وخطوة تستحق التقدير.
الإدارة الجديدة بقيادة الإعلامي القدير/ محمد الحارثي، وفريقه المتمرس في العمل الإعلامي، روادًا ورائدات، وشبابًا وشابات، استطاعت أن تنشئ نوعًا من التكامل بين عناصر منظومة العمل، وأن تعطي الفرصة لكل الأفكار، وأن تصنع نجومًا، وأن تكون على قدر المنافسة؛ لهذا نرى ملامح النجاح في مفاصل الدورات البرامجية؛ فهي انطلاقة مبشرة مليئة بالحيوية والنشاط.
والدورة الرمضانية الحالية جاءت بروح أخرى، دورة مليئة بالحماس والأعمال الطموحة. وشيء رائع أن نرى أبناء الوطن يقودون الأعمال الدرامية، سواء على مستوى استراتيجي من داخل التلفزيون أو كأعمال نراها على الشاشة. ومهما يكن سيظل العمل المصنوع بأيد سعودية محل تقدير وترحاب، مهما كانت الأخطاء؛ لأن الأخطاء تتلاشى مع الزمن، ويمكن للعملية الإنتاجية أن تصحح نفسها بنفسها، مع مرور الزمن، فهؤلاء يمثلون أرضية قوية لأجيال أخرى تأتي لاحقًا، وتقوم بدورها الكامل، مثلما أن أجيال اليوم يكملون مسيرة الرواد الذين نراهم بكل الحب على قناة ذكريات.
طالما أن التلفزيون السعودي يعمل ضمن أطقم سعودية فلا خوف عليه وعلينا؛ لأن ثقتنا بأبنائنا وبناتنا كبيرة، يستحقون كل الدعم المعنوي والمادي، باعتبار ذلك استثمارًا في رأس مال وطني، سيبقى هو السند، ويتأكد ذلك عندما نعلم خطوة الإعلام والدراما كقوة ناعمة. هؤلاء سيوظفونها لصالح الوطن، ولا أظن أحدًا يمكن أن يعمل ذلك غيرهم.
الأرضية التي تنطلق منها الدورات البرامجية أرضية صلبة، وواعدة، وعقول جديدة، تتماهى مع السياقات الجديدة، والظواهر الفنية، والاتجاهات العالمية، يرفد ذلك ثروة بشرية وطنية، قد لا تتوافر في كثير من الدول المحيطة بنا، والثروة البشرة الوطنية هي النتيجة التي نعول عليها كثيرًا.
وأجدني أتفق مع الزميل العزيز/ رجا ساير المطيري الناقد السينمائي الذي أطلق مقولته التي غرد بها مؤخرًا، يقول فيها: «صناعة الدراما المحلية تحتاج الآن إلى الإنتاج قبل المستوى، أنتج ثم أنتج ثم أنتج إلى أن يتحسن المستوى بمرور الوقت. الفيلم التحفة والمسلسل العظيم لن يأتيا من أول خطوة. مستحيل». هذه المقولة تنطلق من سنة كونية، بأن التطور لا يأتي دفعة واحدة، ولا في أول عمل، وإنما كل شيء لا بد أن يأخذ وقته حتى نحصل على الإبداع، وحتى لو حصلنا على الإبداع لا يعني التوقف، وإنما نستمر في قاعدة الإنتاج المستمر بدون توقف.