عمر إبراهيم الرشيد
كان بطل الملاكمة العالمي الشهير محمد علي كلاي رحمه الله تعالى يردد قبل مبارياته عبارة (عندما أنتصر في المواجهة...) ولا يقول (إذا انتصرت)، ويعلق من يدقق في هذه الكلمات بأنها الثقة العالية في النفس، وأقول بأنها التفاؤل كذلك مع الاستعداد الكبير، وإن كان استحضار مشيئة الله من الإيمان {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} الكهف. ومما يروى عن هذا البطل الأمريكي المسلم أنه يتناول في يوم المواجهة ست شطائر من اللحم ويقرأ القرآن الكريم. إذاً ما الفرق بين التفاؤل وقانون الجذب المتداول والمثير للجدل، ينص قانون الجذب باختصار على أن ما يحدث لك إنما هو نتاج توقعاتك وأفكارك وخيالك، فكلما كنت شخصاً إيجابياً وتوقعت النجاح في امتحانك أو وظيفتك أو مباراتك، فإن هذا التوقع والتفكير الإيجابي سوف يجلب لك النجاح في النهاية، والعكس بالعكس، فالسلبية وتوقع الفشل والخسارة ستقودك إلى ما توقعته.
وعند تأمل هذا القانون نجد أنه نسخة معدلة من مسألتي التفاؤل والتشاؤم، ولهاتين الحالتين النفسيتين فكر وحقائق وشواهد عبر الحضارة الإنسانية وفي الديانات التوحيدية وآخرها الإسلام، ففي القرآن الكريم شواهد على هذه الحالة النفسية، حين قال الله تعالى على لسان النبي يعقوب عليه السلام {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا}، وفي هذا الموقف قمة التفاؤل بالله مع وسيلة الصبر، واتخاذ باقي الوسائل حين حث أبناءه على نبذ اليأس والبحث عن أخويهم يوسف وبنيامين. ومن هنا يأتي انتقاد من لم ير جدية قانون الجذب والتعويل عليه فقط بأنه هو ما يجلب للإنسان ما توقع من خير أو شر، وبأن الطاقة الكونية كفيلة بتحقيق توقعات الإنسان، وأن هذا القانون إنما هو فرضية لا يعول عليها ولا يمكن إثباتها علمياً.
وكما قلت، عند استعراض كثير من نظريات علم النفس والاجتماع والطاقة، نجد أنها تستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، سواء قصد المتخصصون في هذه العلوم هذا الاستناد أو لم يقصدوا، تماماً كما يحدث للنظريات وقوانين الطبيعة والفلك، فيما يعرف بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، والذي نجد البعض لدينا وبكل أسف ينكر أو يتجاهل هذا التطابق بجهل أو قصد. وكمثال على هذا التماس أو التماثل بين ما يعرف بقانون الجذب بفكرته الأصلية الصحيحة، وبين الفأل الذي يحبه ويحثه عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل، قالوا وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة)، وهو أنك حين تخرج من منزلك على سبيل المثال متجهاً إلى مقابلة لوظيفة فتسمع كلمة من أحد توحي لك بالنجاح فعليك التفاؤل بتلك الكلمة، كقول أحد يتكلم في هاتفه الجوال وهو بقربك (أبشر) برغم أنه لا يتحدث إليك، لكن توقيت الكلمة بشرى خير، وهذا معنى الحديث كما شرحه العلماء. وحين قدم سهيل ابن عمرو على النبي والصحابة في صلح الحديبية قال لهم النبي (هذا سهيل، سهل أمركم) تفاؤلا باسم الرجل برغم أنه من كفار قريش حينها ثم أسلم كما هو معروف فيما بعد رضي الله عنه.
إذا فقانون الجذب والتوقع يقوم على فكرة التفاؤل الذي يشعل الحماس للعمل كما يشعل الحماس العداء ليصل لخط النهاية ويفوز بالسباق، ووجه الاعتراض من قبل من ينتقد القائلين بهذا القانون، أنه لا يمكن الاعتماد على التوقع والجذب لوحده للحصول على ما نتمنى، فلابد من العمل مع هذا التوقع، وهي ما تنص عليه الفكرة الإسلامية (اعقلها وتوكل) مع التفضيل والإعلاء من قيمة التفاؤل. أما أن الطاقة الكونية تستجيب لمن يتوقع النجاح جاذباً إليه ما يتمناه وكأن المسألة عملية فيزيائية، فهذا ما جعل هذا القانون مثار جدل ورفض من البعض، وأخيراً أقول تفاءلوا بالخير تجدوه!